للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةِ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْ أَهْلِهَا» . أَوْ كَمَا قَالَ. (٦٤٠٨)

مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَهُوَ نَاءٍ عَنْهَا، فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ، إذَا صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَهَا، وَإِنْ لَمْ تَجْتَنِبْ مَا تَجْتَنِبُهُ الْمُعْتَدَّةُ) هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَأَنَّهُ مَتَى مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا، فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ وَطَلَاقِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا خِلَافَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَعْلَمُهُ، أَنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ، إلَّا مَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمَسْرُوقٍ، وَعَطَاءٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَطَاوُسٍ، وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ، وَأَبِي قِلَابَةَ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَنَافِعٍ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَعَنْ. أَحْمَدَ: إنَّ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ، فَكَمَا ذَكَرْنَا. وَإِلَّا فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ يَأْتِيهَا الْخَبَرُ.

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَخِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ عِدَّتَهَا مِنْ يَوْم يَأْتِيهَا الْخَبَرُ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ اجْتِنَابُ أَشْيَاءَ، وَمَا اجْتَنَبَتْهَا.

وَلَنَا، أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا، فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا غَيْرَ عَالِمَةٍ بِفُرْقَةِ زَوْجِهَا، لَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَكَذَلِكَ سَائِرُ أَنْوَاعِ الْعَدَدِ؛ وَلِأَنَّهُ زَمَانٌ عَقِيبَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَوَجَبَ أَنْ تَعْتَدَّ بِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْعِدَّةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّغِيرَةَ وَالْمَجْنُونَةَ تَنْقَضِي عِدَّتُهُمَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَلَمْ يُعْدَمْ هَاهُنَا إلَّا الْقَصْدُ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا اجْتَنَبَتْ مَا تَجْتَنِبُهُ الْمُعْتَدَّاتُ، أَوْ لَمْ تَجْتَنِبُهُ، فَإِنَّ الْإِحْدَادَ الْوَاجِبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْعِدَّةِ، فَلَوْ تَرَكَتْهُ قَصْدًا، أَوْ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، لَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] . وَقَالَ: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: ٤] . وَقَالَ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] . وَفِي اشْتِرَاطِ الْإِحْدَادِ مُخَالَفَةُ هَذِهِ النُّصُوصِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>