للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ كُلَّ مَحْجُوبٍ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ. فَلَيْسَ عَلَى الْأُمِّ إلَّا السُّدُسُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى غَيْرِهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ جَدٌّ، فَالنَّفَقَةُ كُلُّهَا عَلَى الْأُمِّ. عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَعَلَى الثَّانِي، لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا السُّدُسُ. وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ عَلَى الْمَحْجُوبِ بِالْمُعْسِرِ النَّفَقَةَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ عَمُودِي النَّسَبِ. فَعَلَى الْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي عَلَى الْجَدِّ وَالْأَخَوَيْنِ أَثْلَاثًا، كَمَا يَرِثُونَ إذَا كَانَ الْأَبُ مَعْدُومًا.

وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ غَائِبًا، وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ، أَنْفَقَ الْحَاكِمُ مِنْهُ حِصَّتَهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ، فَأَمْكَنَ الْحَاكِمَ الِاقْتِرَاضُ عَلَيْهِ، اقْتَرَضَ، فَإِذَا قَدِمَ، فَعَلَيْهِ وَفَاؤُهُ.

[فَصْلٌ وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ إلَّا نَفَقَةُ شَخْصٍ وَلَهُ امْرَأَةٌ]

(٦٥٠٣) فَصْلٌ: وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ إلَّا نَفَقَةُ شَخْصٍ، وَلَهُ امْرَأَةٌ، فَالنَّفَقَةُ لَهَا دُونَ الْأَقَارِبِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا، فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ، فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ، فَعَلَى قَرَابَتِهِ.» وَلِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ مُوَاسَاةٌ، وَنَفَقَةَ الْمَرْأَةِ تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ، فَقُدِّمَتْ عَلَى مُجَرَّدِ الْمُوَاسَاةِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ مَعَ يَسَارِهِمَا وَإِعْسَارِهِمَا، وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَجِبُ لِحَاجَتِهِ، فَقُدِّمَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، كَنَفَقَةِ نَفْسِهِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا نَفَقَةُ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، فَقُدِّمَتْ عَلَى مُجَرَّدِ الْمُوَاسَاةِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ.

فَإِنْ اجْتَمَعَ أَبٌ وَجَدٌّ، أَوْ وَابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ، قُدِّمَ الْأَبُ عَلَى الْجَدِّ، وَالِابْنُ عَلَى ابْنِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْجَدُّ، وَالِابْنُ وَابْنُهُ؛ لِتَسَاوِيهِمْ فِي الْوِلَادَةِ وَالتَّعْصِيبِ. وَلَنَا، أَنَّ الْأَبَ وَالِابْنَ أَقْرَبُ وَأَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ، فَكَانَا أَحَقَّ، كَالْأَبِ مَعَ الْأَخِ. وَإِنْ اجْتَمَعَ ابْنٌ وَجَدٌّ، أَوْ أَبٌ وَابْنُ ابْنٍ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، تَقْدِيمُ الِابْنِ؛ وَالْأَبِ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ، فَإِنَّهُمَا يَلِيَانِهِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَلَا يَسْقُطُ إرْثُهُمَا بِحَالٍ، وَالْجَدُّ وَابْنُ الِابْنِ بِخِلَافِهِمَا، وَيَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْإِرْثِ وَالتَّعْصِيبِ وَالْوِلَادَةِ. وَإِنْ اجْتَمَعَ جَدٌّ وَابْنُ ابْنٍ، فَهُمَا سَوَاءٌ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثُ وَالْوِلَادَةِ وَالتَّعْصِيبِ. وَيَحْتَمِلُ فِيهِمَا مَا يَحْتَمِلُ فِي الْأَبِ وَالِابْنِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ.

[فَصْلٌ اجْتَمَعَ أَبٌ وَابْنٌ فَعَلَى مَنْ تَجِبُ النَّفَقَةُ]

(٦٥٠٤) فَصْلٌ: وَإِنْ اجْتَمَعَ أَبٌ وَابْنٌ، فَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا، قُدِّمَ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَجَبَتْ بِالنَّصِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>