للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] . «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّك وَأَبَاك، وَأُخْتَك وَأَخَاك، ثُمَّ أَدْنَاك أَدْنَاك، وَمَوْلَاك الَّذِي يَلِي ذَاكَ، حَقًّا وَاجِبًا، وَرَحِمًا مَوْصُولًا» . وَلِأَنَّهُ يَرِثُهُ بِالتَّعْصِيبِ، فَكَانَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَالْأَبِ. وَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ فِي غَيْرِهِ. (٦٥٠٧)

فَصْلٌ: فَإِنْ مَاتَ مَوْلَاهُ، فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَارِثِ مِنْ عَصَبَاتِهِ، عَلَى مَا بُيِّنَ فِي بَاب الْوَلَاءِ وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ نَفَقَةُ أَوْلَادِ عَتِيقِهِ، إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ وَلَاءٌ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَتُهُمْ وَوَارِثُهُمْ، وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ أَوْلَادِ مُعْتَقَتِهِ إذَا كَانَ أَبُوهُمْ عَبْدًا كَذَلِكَ، فَإِنْ أُعْتِقَ أَبُوهُمْ فَانْجَرَّ الْوَلَاءُ إلَى مُعْتَقِهِ، صَارَ وَلَاؤُهُمْ لِمُعْتِقِ أَبِيهِمْ، وَنَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ، إذَا كَمُلَتْ الشُّرُوطُ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَتِيقَ نَفَقَةُ مُعْتِقِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ، فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَى صَاحِبِهِ، مِثْلَ أَنْ يَعْتِقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا، ثُمَّ يَسْبِي الْعَبْدُ سَيِّدَهُ فَيَعْتِقُهُ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفَقَةُ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُهُ.

[مَسْأَلَةٌ زُوِّجَتْ الْأَمَةُ لَزِمَ زَوْجَهَا أَوْ سَيِّدَهُ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا نَفَقَتُهَا]

(٦٥٠٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا زُوِّجَتْ الْأَمَةُ، لَزِمَ زَوْجَهَا أَوْ سَيِّدَهُ، إنْ كَانَ مَمْلُوكًا، نَفَقَتُهَا) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ زَوْجَ الْأَمَةِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، أَوْ بَعْضُهُ حُرًّا وَبَعْضُهُ عَبْدًا، فَإِنْ كَانَ حُرًّا، فَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ، لِلنَّصِّ، وَاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ الْبَالِغِينَ، وَالْأَمَةُ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِهِنَّ، وَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مُمَكِّنَةٌ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَجَبَ عَلَى زَوْجِهَا نَفَقَتُهَا، كَالْحُرَّةِ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا مَمْلُوكًا، فَالنَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ لِزَوْجَتِهِ لِذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ عَلَى الْعَبْدِ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ. هَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَالْحَكَمِ، وَالشَّافِعِيِّ. وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إذَا بَوَّأَهَا بَيْتًا.

وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مُوَاسَاةٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلِذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ، وَلَا زَكَاةُ مَالِهِ. وَلَنَا، أَنَّهَا عِوَضٌ وَاجِبٌ فِي النِّكَاحِ فَوَجَبَتْ عَلَى الْعَبْدِ كَالْمَهْرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا عِوَضٌ، أَنَّهَا تَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ؛ وَلِهَذَا تَسْقُطُ عَنْ الْحُرِّ بِفَوَاتِ التَّمْكِينِ، وَفَارَقَ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ. إذَا ثَبَتَ وُجُوبُهَا عَلَى الْعَبْدِ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُ سَيِّدَهُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ الْمُفْضِي إلَى إيجَابِهَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: فِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا تَجِبُ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ إيجَابُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>