للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضَى بِهَا لِخَالَتِهَا؛ لِأَنَّ زَوْجَهَا مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيه فِي الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا عَلِيٌّ، وَقَدْ تَرَجَّحَ جَعْفَرٌ بِأَنَّ امْرَأَتَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، فَكَانَ أَوْلَى وَعَلَى هَذَا، مَتَى كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُتَزَوِّجَةً لَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، كَالْجَدَّةِ تَكُونُ مُتَزَوِّجَةً لِلْجَدِّ، لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا؛ لِأَنَّهُ يُشَارِكُهَا فِي الْوِلَادَةِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدِ، فَأَشْبَهَ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً لِلْأَبِ وَلَوْ تَنَازَعَ الْعَمَّانِ فِي الْحَضَانَةِ، وَأَحَدُهُمَا مُتَزَوِّجٌ لِلْأُمِّ، أَوْ الْخَالَةِ، فَهُوَ أَحَقُّ، لِحَدِيثِ بِنْتِ حَمْزَةَ وَكَذَلِكَ كُلُّ عَصَبَتَيْنِ تَسَاوَيَا، وَأَحَدُهُمَا مُتَزَوِّجٌ بِمَنْ هِيَ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، قُدِّمَ بِهَا لِذَلِكَ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ التَّزْوِيجَ بِأَجْنَبِيٍّ يُسْقِطُ الْحَضَانَةَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَإِنْ عَرِيَ عَنْ الدُّخُولِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَسْقُطَ إلَّا بِالدُّخُولِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ بِهِ تَشْتَغِلُ عَنْ الْحَضَانَةِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، قَوْلُ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي»

وَقَدْ وُجِدَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلِأَنَّ بِالْعَقْدِ يَمْلِكُ مَنَافِعَهَا، وَيَسْتَحِقُّ زَوْجُهَا مَنْعَهَا مِنْ حَضَانَتِهِ، فَزَالَ حَقُّهَا، كَمَا لَوْ دَخَلَ بِهَا

(٦٥٤٧) الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْأُمَّ إذَا عُدِمَتْ، أَوْ تَزَوَّجَتْ، أَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، وَاجْتَمَعَتْ أُمُّ أَبٍ وَخَالَةٍ، فَأُمُّ الْأَبِ أَحَقُّ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْأُخْتَ وَالْخَالَةَ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ فَعَلَى هَذَا، يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْخَالَةُ أَحَقَّ مِنْ أُمِّ الْأَبِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِأُمٍّ، وَأُمُّ الْأَبِ تُدْلِي بِهِ، فَقُدِّمَ مَنْ يُدْلِي بِالْأُمِّ، كَتَقْدِيمِ أُمِّ الْأُمِّ عَلَى أُمِّ الْأَبِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِبِنْتِ حَمْزَةَ لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: «الْخَالَةُ أُمٌّ» وَلَنَا، أَنَّ أُمَّ الْأَبِ جَدَّةٌ وَارِثَةٌ، فَقُدِّمَتْ عَلَى الْخَالَةِ، كَأُمِّ الْأُمِّ، وَلِأَنَّ لَهَا وِلَادَةً وَوِرَاثَةً، فَأَشْبَهَتْ أُمَّ الْأُمِّ

فَأَمَّا الْحَدِيثُ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْخَالَةِ حَقًّا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَيْسَ النِّزَاعُ فِيهِ، إنَّمَا النِّزَاعُ فِي التَّرْجِيحِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَقَوْلُهُمْ: تُدْلِي بِأُمٍّ قُلْنَا: لَكِنْ لَا وِلَادَةَ لَهَا، فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا مَنْ لَهُ وِلَادَةٌ، كَتَقْدِيمِ أُمِّ الْأُمِّ عَلَى الْخَالَةِ فَعَلَى هَذَا، مَتَى وُجِدَتْ جَدَّةٌ وَارِثَةٌ، فَهِيَ أَوْلَى مِمَّنْ هُوَ مِنْ غَيْرِ عَمُودِي النَّسَبِ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ عَلَتْ دَرَجَتُهَا؛ لِفَضِيلَةِ الْوِلَادَةِ وَالْوِرَاثَةِ، فَأَمَّا أُمُّ أَبِي الْأُمِّ فَلَا حَضَانَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِأَبِي الْأُمِّ، وَلَا حَضَانَةَ لَهُ، وَلَا مَنْ أَدْلَى بِهِ.

[فَصْلٌ اجْتَمَعَتْ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ فَأَيُّهُمْ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ]

(٦٥٤٨) فَصْلٌ: فَإِنْ اجْتَمَعَتْ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ، فَأُمُّ الْأُمِّ أَحَقُّ، وَإِنْ عَلَتْ دَرَجَتُهَا؛ لِأَنَّ لَهَا وِلَادَةً، وَهِيَ تُدْلِي بِالْأُمِّ الَّتِي تُقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا، كَتَقْدِيمِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّ أُمَّ الْأَبِ أَحَقُّ وَهُوَ قِيَاسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>