للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة يُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى وَالْأُنْثَى بِالذَّكَرِ فِي الْقِصَاصِ]

(٦٦٤٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى، وَالْأُنْثَى بِالذَّكَرِ) هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْي، وَغَيْرُهُمْ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ قَالَ: يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ، وَيُعْطِي أَوْلِيَاؤُهُ نِصْفَ الدِّيَةِ. أَخْرَجَهُ سَعِيدٌ. وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ أَحْمَدَ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ. وَحُكِيَ عَنْهُمَا مِثْلُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ.

وَلَعَلَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَحْتَجُّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَنَّ عَقْلَهَا نِصْفُ عَقْلِهِ، فَإِذَا قُتِلَ بِهَا بَقِيَ لَهُ بَقِيَّةٌ، فَاسْتُوْفِيَتْ مِمَّنْ قَتَلَهُ. وَلَنَا، قَوْله تَعَالَى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] . وَقَوْلُهُ: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: ١٧٨] . مَعَ عُمُومِ سَائِرِ النُّصُوصِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَتَلَ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ» . وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالْأَسْنَانُ، وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ.» وَهُوَ كِتَابٌ مَشْهُورٌ عِنْد أَهْلِ الْعِلْمِ، مُتَلَقًّى بِالْقَبُولِ عِنْدَهُمْ، وَلِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ يُحَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَذْفِ صَاحِبِهِ، فَقُتِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، كَالرَّجُلَيْنِ، وَلَا يَجِبُ مَعَ الْقِصَاصِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قِصَاصٌ وَاجِبٌ، فَلَمْ يَجِبْ مَعَهُ شَيْءٌ عَلَى الْمُقْتَصِّ، كَسَائِرِ الْقِصَاصِ، وَاخْتِلَافُ الْأَبْدَالِ لَا عِبْرَةَ بِهِ فِي الْقِصَاصِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ يُقْتَلُونَ بِالْوَاحِدِ، وَالنَّصْرَانِيَّ يُؤْخَذُ بِالْمَجُوسِيِّ، مَعَ اخْتِلَافِ دِينَيْهِمَا، وَيُؤْخَذُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، مَعَ اخْتِلَافِ قِيمَتِهِمَا.

[فَصْلٌ يُقْتَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِالْخُنْثَى وَيُقْتَلُ بِهِمَا]

(٦٦٤١) فَصْلٌ: وَيُقْتَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِالْخُنْثَى، وَيُقْتَلُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ بَيْنَهُمَا فِي النَّفْسِ قِصَاصٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا فِي الْجِرَاحِ]

(٦٦٤٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فِي النَّفْسِ قِصَاصٌ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا فِي الْجِرَاحِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ كُلَّ شَخْصَيْنِ جَرَى بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، جَرَى الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَطْرَافِ، فَيُقْطَعُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، وَالذِّمِّيُّ بِالذِّمِّيِّ، وَالذَّكَرُ بِالْأُنْثَى، وَالْأُنْثَى بِالذَّكَرِ، وَيُقْطَعُ النَّاقِصُ

<<  <  ج: ص:  >  >>