للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْأَصْلِيَّتَيْنِ، وَلِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: ٤٥] عَامٌ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَثْبُتُ الْقِيَاسُ فِي الزَّائِدَتَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ، فَالثَّابِتُ بِالِاجْتِهَادِ مُعْتَبَرٌ بِمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ، وَاخْتِلَافُ الْقِيمَةِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ، بِدَلِيلِ جَرَيَانِهِ بَيْنَ الْعَبِيدِ، وَبَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ، عَلَى أَنَّ كِبَرَ السِّنِّ لَا يُوجِبُ كَثْرَةُ قِيمَتِهَا، فَإِنَّ السِّنَّ الزَّائِدَةَ نَقْصٌ وَعَيْبٌ، وَكَثْرَةُ الْعَيْبِ زِيَادَةٌ فِي النَّقْصِ، لَا فِي الْقِيمَةِ، وَلِأَنَّ كِبَرَ السِّنِّ الْأَصْلِيَّةِ لَا يَزِيدُ قِيمَتَهَا، فَالزَّائِدَةُ كَذَلِكَ.

[فَصْلٌ يُؤْخَذُ اللِّسَانُ بِاللِّسَانِ الْقِصَاصُ]

(٦٧١٦) فَصْلٌ: وَيُؤْخَذُ اللِّسَانُ بِاللِّسَانِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] . وَلِأَنَّ لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إلَيْهِ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ كَالْعَيْنِ، وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، وَلَا يُؤْخَذُ لِسَانُ نَاطِقٍ بِلِسَانِ أَخْرَسَ، لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَيُؤْخَذُ الْأَخْرَسُ بِالنَّاطِقِ، لِأَنَّهُ بَعْضُ حَقِّهِ، وَيُؤْخَذُ بَعْضُ اللِّسَانِ بِبَعْضٍ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْقِصَاصُ فِي جَمِيعِهِ، فَأَمْكَنَ فِي بَعْضِهِ، كَالسِّنِّ، وَيُقَدَّرُ ذَلِكَ بِالْأَجْزَاءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْحِسَابِ

[فَصْلٌ تُؤْخَذُ الشَّفَةُ بِالشَّفَةِ الْقِصَاصُ]

(٦٧١٧) فَصْلٌ: وَتُؤْخَذُ الشَّفَةُ بِالشَّفَةِ وَهِيَ مَا جَاوَزَ الذَّقَنَ وَالْخَدَّيْنِ عُلْوًا وَسُفْلًا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] . وَلِأَنَّ لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إلَيْهِ، يُمْكِنُ الْقِصَاصُ مِنْهُ فَوَجَبَ، كَالْيَدَيْنِ.

[مَسْأَلَةٌ لَا تُؤْخَذُ يَدٌ يَمِينٌ بِيَسَارٍ الْقِصَاصُ]

(٦٧١٨) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَلَا تُؤْخَذُ يَمِينٌ بِيَسَارٍ، وَلَا يَسَارٌ بِيَمِينٍ) هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَشَرِيكٍ أَنَّ إحْدَاهُمَا تُؤْخَذُ بِالْأُخْرَى، لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْخِلْقَةِ وَالْمَنْفَعَةِ. وَلَنَا، أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَخْتَصُّ بَاسِمٍ، فَلَا تُؤْخَذُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، كَالْيَدِ مَعَ الرِّجْلِ. فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا انْقَسَمَ إلَى يَمِينٍ وَيَسَارٍ، كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْمَنْخِرَيْنِ وَالثَّدْيَيْنِ وَالْأَلْيَتَيْنِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، لَا تُؤْخَذُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى

(٦٧١٩) فَصْلٌ: وَمَا انْقَسَمَ إلَى أَعْلَى وَأَسْفَلِ، كَالْجَفْنَيْنِ وَالشَّفَتَيْنِ، لَا يُؤْخَذُ الْأَعْلَى بِالْأَسْفَلِ، وَلَا الْأَسْفَلُ بِالْأَعْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>