للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ عَوْدِهَا، وَحُكِمَ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ، فَعَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، سَقَطَتْ الدِّيَةُ، وَرُدَّتْ إنْ كَانَتْ أُخِذَتْ، كَسِنِّ الْكَبِيرِ إذَا عَادَتْ.

[فَصْلٌ دِيَة السِّنّ فِيمَا ظُهْر مِنْهَا مِنْ اللِّثَة]

(٦٩٣٣) فَصْلٌ: وَتَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ فِيمَا ظَهَرَ مِنْهَا مِنْ اللَّثَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُسَمَّى سِنًّا، وَمَا فِي اللِّثَةِ مِنْهَا يُسَمَّى سِنْخًا، فَإِذَا كُسِرَ السِّنُّ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَلَعَ السِّنْخَ، فَفِي السِّنِّ دِيَتُهَا، وَفِي السِّنْخِ حُكُومَةٌ، كَمَا لَوْ قَطَعَ إنْسَانٌ أَصَابِعَ رَجُلٍ، ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ كَفَّهُ. وَإِنْ قَلَعَهَا الْآخَرُ بِسِنْخِهَا، لَمْ يَجِبْ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ دِيَتِهَا، كَمَا لَوْ قَطَعَ الْيَدَ مِنْ كُوعِهَا. وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَرَّتَيْنِ، فَكَسَرَ السِّنَّ، ثُمَّ عَادَ فَقَلَعَ السِّنْخَ، فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا وَحُكُومَةٌ؛ لِأَنَّ دِيَتَهَا وَجَبَتْ بِالْأَوَّلِ، ثُمَّ وَجَبَ عَلَيْهِ بِالثَّانِي حُكُومَةٌ، كَمَا لَوْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ، ثُمَّ قَطَعَ الْكَفَّ. وَإِنْ كَسَرَ بَعْضَ الظَّهْرِ، فَفِيهِ مِنْ دِيَةِ السِّنِّ بِقَدْرِهِ. وَإِنْ كَانَ ذَهَبَ النِّصْفُ، وَجَبَ نِصْفُ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ الذَّاهِبُ الثُّلُثَ، وَجَبَ الثُّلُثُ.

وَإِنْ جَاءَ آخَرُ فَكَسَرَ بَقِيَّتَهَا، فَعَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَرْشِ. فَإِنْ قَلَعَ الثَّانِي بَقِيَّتَهَا بِسِنْخِهَا، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ كَسَرَهَا عَرْضًا، فَلَيْسَ عَلَى الثَّانِي لِلسِّنْخِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِمَا قَلَعَهُ مِنْ ظَاهِرِ السِّنِّ، فَصَارَ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْأَوَّلُ مِنْ كُلِّ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِهِ أُنْمُلَةً، ثُمَّ قَطَعَ الثَّانِي يَدَهُ مِنْ الْكُوعِ. وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ كَسَرَ نِصْفَ السِّنِّ طُولًا دُونَ سِنْخِهِ، فَجَاءَ الثَّانِي فَقَطَعَ الْبَاقِيَ بِالسِّنْخِ كُلِّهِ، فَعَلَيْهِ دِيَةُ النِّصْفِ الْبَاقِي، وَحُكُومَةٌ لِنِصْفِ السِّنْخِ الَّذِي بَقِيَ لَمَّا كَسَرَهُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْأَوَّلُ إصْبَعَيْنِ مِنْ يَدٍ، ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي: فَقَطَعَ الْكَفَّ كُلَّهُ. فَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِيمَا قَلَعَهُ الْأَوَّلُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَةُ السِّنِّ. وَإِنَّ انْكَشَفَتْ اللِّثَةُ عَنْ بَعْضِ السِّنِّ فَالدِّيَةُ فِي قَدْرِ الظَّاهِرِ عَادَةً، دُون مَا انْكَشَفَ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الظَّاهِرِ، اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بِأَخَوَاتِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ يُعْتَبَرُ بِهِ، وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ.

[فَصْلٌ قَلَعَ سِنًّا مُضْطَرِبَة لِكِبَرٍ أَوْ مَرَض وَكَانَتْ مَنَافِعهَا بَاقِيَة]

(٦٩٣٤) فَصْلٌ: وَإِنْ قَلَعَ سِنًّا مُضْطَرِبَةً لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ، وَكَانَتْ مَنَافِعُهَا بَاقِيَةً؛ مِنْ الْمَضْغِ، وَضَغْطِ الطَّعَامِ وَالرِّيقِ، وَجَبَتْ دِيَتُهَا. وَكَذَلِكَ إنْ ذَهَبَ بَعْضُ مَنَافِعِهَا، وَبَقِيَ بَعْضُهَا؛ لِأَنَّ جَمَالَهَا وَبَعْضَ مَنَافِعِهَا بَاقٍ، فَكَمَلَ دِيَتُهَا، كَالْيَدِ الْمَرِيضَةِ، وَيَدِ الْكَبِيرِ. وَإِنْ ذَهَبَتْ مَنَافِعُهَا كُلُّهَا، فَهِيَ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ. عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ قَلَعَ سِنًّا فِيهَا دَاءٌ أَوْ أَكَلَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَجَبَ فِيهَا دِيَةُ السِّنِّ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْيَدِ الْمَرِيضَةِ، وَإِنْ سَقَطَ مِنْ أَجْزَائِهَا شَيْءٌ، سَقَطَ مِنْ دِيَتِهَا بِقَدْرِ الذَّاهِبِ مِنْهَا، وَوَجَبَ الْبَاقِي. وَإِنْ كَانَ إحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ قَصِيرَةً، نَقَصَ مِنْ دِيَتِهَا بِقَدْرِ نَقْصِهَا، كَمَا لَوْ نَقَصَتْ بِكَسْرِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>