للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ جَنَى عَلَى سِنّه جَانّ فَاضْطَرَبَتْ وَطَالَتْ]

(٦٩٣٥) فَصْلٌ: فَإِنْ جَنَى عَلَى سِنِّهِ جَانٍ، فَاضْطَرَبَتْ، وَطَالَتْ عَلَى الْأَسْنَانِ، وَقِيلَ: إنَّهَا تَعُودُ إلَى مُدَّةٍ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ. اُنْتُظِرَتْ إلَيْهَا، فَإِنْ ذَهَبَتْ وَسَقَطَتْ، وَجَبَتْ دِيَتُهَا، وَإِنْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ، فَلَا شَيْءَ فِيهَا، كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى يَدِهِ فَمَرِضَتْ ثُمَّ بَرِئَتْ، وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا اضْطِرَابٌ فَفِيهَا حُكُومَةٌ. وَإِنْ قَلَعَهَا قَالِعٌ، فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا كَامِلَةً، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ حُكُومَةٌ لِجِنَايَتِهِ، وَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ تَعُدْ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، فَفِيهَا حُكُومَةٌ. وَإِنْ قَلَعَهَا قَالِعٌ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا، كَمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ قَالُوا: يُرْجَى عَوْدُهَا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ، وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ فِيهَا؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى إهْدَارِ الْجِنَايَةِ. فَإِنْ عَادَتْ، سَقَطَتْ الْحُكُومَةُ، لِمَا ذَكَرْنَا فِي غَيْرِهَا.

[فَصْلٌ قَلَعَ قَالِع سِنّه فَرَدَّهَا صَاحِبهَا فَنَبَتَتْ فِي مَوْضِعهَا]

(٦٩٣٦) فَصْلٌ: فَإِنْ قَلَعَ قَالِعٌ سِنَّهُ، فَرَدَّهَا صَاحِبُهَا، فَنَبَتَتْ فِي مَوْضِعِهَا، لَمْ تَجِبْ دِيَتُهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، تَجِبُ دِيَتُهَا. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَا تَوْجِيهَهُمَا فِيمَا إذَا قُطِعَ أَنْفُهُ فَرَدَّهُ، فَالْتَحَمَ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، يَجِبُ فِيهَا حُكُومَةٌ؛ لِنَقْصِهَا إنْ نَقَصَتْ، أَوْ ضَعْفِهَا إنَّ ضَعُفَتْ.

وَإِنْ قَلَعَهَا قَالِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّهَا سِنٌّ ذَاتُ جَمَالٍ وَمَنْفَعَةٍ، فَوَجَبَتْ دِيَتُهَا، كَمَا لَوْ لَمْ تَنْقَلِعْ. وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يَنْبَنِي حُكْمُهَا عَلَى وُجُوبِ قَلْعِهَا، فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ قَلْعُهَا. فَلَا شَيْءَ عَلَى قَالِعِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَحْسَنَ بِقَلْعِهِ مَا يَجِبُ قَلْعُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ قَلْعُهَا. احْتَمَلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِدِيَتِهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُؤْخَذَ بِدِيَتِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ دِيَتُهَا مَرَّةً، فَلَا تَجِبُ ثَانِيَةً، وَلَكِنْ فِيهَا حُكُومَةٌ. فَأَمَّا إنْ جَعَلَ مَكَانَهَا سِنًّا أُخْرَى، أَوْ سِنَّ حَيَوَانٍ، أَوْ عَظْمًا، فَنَبَتَتْ، وَجَبَ دِيَتُهَا، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ سِنَّهُ ذَهَبَتْ بِالْكُلِّيَّةِ، فَوَجَبَتْ دِيَتُهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَجْعَلْ مَكَانَهَا شَيْئًا.

وَإِنْ قُلِعَتْ هَذِهِ الثَّانِيَةُ لَمْ تَجِبْ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سِنًّا لَهُ، وَلَا هِيَ مِنْ بَدَنِهِ، وَلَكِنْ يَجِبُ فِيهَا حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أَزَالَتْ جَمَالَهُ وَمَنْفَعَتَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ خَاطَ جُرْحَهُ بِخَيْطِ، فَالْتَحَمَ، فَقَطَعَ إنْسَانٌ الْخَيْطَ، فَانْفَتَحَ الْجُرْحُ، وَزَالَ الْتِحَامُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ مَا لَيْسَ مِنْ بَدَنِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَلَعَ الْأَنْفَ الذَّهَبَ الَّذِي جَعَلَهُ الْمَجْدُوعُ مَكَانَ أَنْفِهِ.

[فَصْلٌ جَنَى عَلَى سِنّه فَسُودهَا]

(٦٩٣٧) فَصْلٌ: وَإِنْ جَنَى عَلَى سِنِّهِ فَسَوَّدَهَا، فَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، تَجِبُ دِيَتُهَا كَامِلَةً. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَيُرْوَى هَذَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَشُرَيْحٌ وَالزُّهْرِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَالنَّخَعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>