للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا إذَا جَلَسْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ حَتَّى يَقُومَ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَقَالَ حَنْبَلٌ: رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّي، فَإِذَا جَلَسَ فِي الْجَلْسَةِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ أَخَفَّ الْجُلُوسَ، ثُمَّ يَقُومُ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ الِاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبِهِ. وَلِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ التَّشَهُّدَاتِ لَيْسَ فِيهِ تَسْمِيَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ، فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا، وَلَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَلَا غَيْرُهَا مِمَّا وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ، وَإِنْ فَعَلَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ.

(٧٤٨) فَصْلٌ: وَإِذَا أَدْرَكَ بَعْضَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ، فَجَلَسَ الْإِمَامُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، لَمْ يَزِدْ الْمَأْمُومُ عَلَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، بَلْ يُكَرِّرُهُ.

نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِيمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً، قَالَ: يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ، وَلَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَدْعُو بِشَيْءٍ مِمَّا يُدْعَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي التَّشَهُّدِ الَّذِي يُسَلِّمُ عَقِيبَهُ، وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ.

[مَسْأَلَة إذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّد الْأَوَّل نَهَضَ قَائِمًا]

(٧٤٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ يَنْهَضُ مُكَبِّرًا كَنُهُوضِهِ مِنْ السُّجُودِ) يَعْنِي إذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ نَهَضَ قَائِمًا عَلَى صَدْرِ قَدَمَيْهِ، مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي نُهُوضِهِ مِنْ السُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَلَا يُقَدِّمُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عِنْدَ النُّهُوضِ. كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَكَرِهَهُ إِسْحَاقُ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ. وَرَخَّصَ فِيهِ مُجَاهِدٌ، وَإِسْحَاقُ لِلشَّيْخِ. وَلَنَا، أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ كَرِهَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَيُمْكِنُ الشَّيْخَ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى يَدَيْهِ، فَيَسْتَغْنِيَ عَنْهُ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ، وَلَا وُجِدَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ.

(٧٥٠) فَصْلٌ: ثُمَّ يُصَلِّي الثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ كَالثَّانِيَةِ، إلَّا أَنَّهُ: لَا يَقْرَأُ فِيهِمَا شَيْئًا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، وَلَا يَجْهَرُ فِيهِمَا فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ. وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَة التَّوَرُّكُ فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي]

(٧٥١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ تَوَرَّكَ، فَنَصَبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَجَعَلَ بَاطِنَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى تَحْتَ فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ) السُّنَّةُ عِنْدَ إمَامِنَا، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، التَّوَرُّكُ فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا كَجُلُوسِهِ فِي الْأَوَّلِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، وَأَبِي حُمَيْدٍ، فِي صِفَةِ جُلُوسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَلَنَا قَوْلُ أَبِي حُمَيْدٍ: حَتَّى «إذَا كَانَتْ الرَّكْعَةُ الَّتِي يَقْضِي فِيهَا صَلَاتَهُ أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَجَلَسَ مُتَوَرِّكًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ.» وَهَذَا بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ، وَزِيَادَةٌ يَجِبُ الْأَخْذُ بِهَا وَالْمَصِيرُ إلَيْهَا، وَاَلَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>