للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَجْنَبِيِّ الثَّانِي ثُلُثُهَا، وَيَسْقُطُ مَا قَابَلَ فِعْلَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَإِنْ احْتَاجَ إلَى خَرْقِ مَا بَيْنَهُمَا لِلْمُدَاوَاةِ، فَخَرَقَهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ، أَوْ خَرَقَهَا وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِذَلِكَ، أَوْ الطَّبِيبُ بِأَمْرِهِ، فَلَا شَيْءَ فِي خَرْقِ الْحَاجِزِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثَا الدِّيَةِ.

وَإِنْ أَجَافَهُ رَجُلٌ، فَوَسَّعَهَا آخَرُ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْشُ جَائِفَةٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ كَانَ جَائِفَةً، فَلَا يَسْقُطُ حُكْمُهُ بِانْضِمَامِهِ إلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، لِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ لَا يَنْبَنِي عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ. وَإِنْ وَسَّعَهَا الطَّبِيبُ بِإِذْنِهِ، أَوْ إذْنِ وَلِيِّهِ لِمَصْلَحَتِهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ وَسَّعَهَا جَانٍ آخَرُ، فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ، أَوْ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ لَمْ تَبْلُغْ الْجَائِفَةَ. وَإِنْ أَدْخَلَ السِّكِّينَ فِي الْجَائِفَةِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا، عُزِّرَ، وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ خَاطَهَا، فَجَاءَ آخَرُ، فَقَطَعَ الْخُيُوطَ، وَأَدْخَلَ السِّكِّينَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَلْتَحِمَ، عُزِّرَ أَشَدَّ مِنْ التَّعْزِيرِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَغَرَّمَهُ ثَمَنَ الْخُيُوطِ وَأُجْرَةَ الْخَيَّاطِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَرْشُ جَائِفَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِفْهُ.

وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْتِحَامِهَا، فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْجَائِفَةِ وَثَمَنُ الْخُيُوطِ؛ لِأَنَّهُ بِالِالْتِحَامِ عَادَ إلَى الصِّحَّةِ، فَصَارَ كَاَلَّذِي لَمْ يُجْرَحْ. وَإِنْ الْتَحَمَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ، فَفَتَقَ مَا الْتَحَمَ، فَعَلَيْهِ أَرْشُ جَائِفَةٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ فَتَقَ غَيْرَ مَا الْتَحَمَ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْجَائِفَةِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِمَ مِنْهَا شَيْءٌ. وَإِنْ فَتَقَ بَعْضَ مَا الْتَحَمَ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ، أَوْ الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، كَمَا لَوْ وَسَّعَ جُرْحَهُ كَذَلِكَ.

[فَصْلٌ جُرْح فَخُذْهُ وَمَدّ السِّكِّين حَتَّى بَلَغَ الْوَرِك فَأُجَافِ فِيهِ]

(٦٩٨١) فَصْلٌ: وَإِنْ جَرَحَ فَخِذَهُ، وَمَدَّ السِّكِّينَ حَتَّى بَلَغَ الْوَرِكَ، فَأَجَافَ فِيهِ، أَوْ جَرَحَ الْكَتِفَ، وَجَرَّ السِّكِّينَ حَتَّى بَلَغَ الصَّدْرَ، فَأَجَافَهُ فِيهِ، فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْجَائِفَةِ وَحُكُومَةٌ فِي الْجِرَاحِ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجَائِفَةِ، فَانْفَرَدَتْ بِالضَّمَانِ، كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فِي رَأْسِهِ وَجَرَّ السِّكِّينَ حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ مُوضِحَةٍ وَحُكُومَةٌ لِجُرْحِ الْقَفَا.

[فَصْلٌ أَدْخُل حَدِيدَة أَوْ خَشَبَة أَوْ يَده فِي دُبُر إنْسَان فَخُرِقَ حَاجِزًا فِي الْبَاطِنِ.]

(٦٩٨٢) فَصْلٌ: فَإِنْ أَدْخَلَ حَدِيدَةً أَوْ خَشَبَةً أَوْ يَدَهُ، فِي دُبُرِ إنْسَانٍ، فَخَرَقَ حَاجِزًا فِي الْبَاطِنِ، فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ جَائِفَةٍ؛ لِأَنَّ الْجَائِفَةَ مَا خَرَقَتْ مِنْ الظَّاهِرِ إلَى الْجَوْفِ، وَهَذِهِ بِخِلَافِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَدْخَلَ السِّكِّينَ فِي جَائِفَةٍ إنْسَانٍ، فَخَرَقَ شَيْئًا فِي الْبَاطِنِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَائِفَةٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَا.

[مَسْأَلَةٌ جُرْحه فِي جَوْفه فَخَرَجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخِر]

(٦٩٨٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَإِنْ جَرَحَهُ فِي جَوْفِهِ، فَخَرَجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَهُمَا جَائِفَتَانِ) هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>