للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا هُوَ عِوَضُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ مَرَّتَيْنِ، كَمَا فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ. وَالثَّانِيَةُ، يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ أَتْلَفَهُ بِعُدْوَانِهِ، فَلَزِمَهُ أَرْشُهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِإِصْبَعِهِ. فَأَمَّا الْمُطَاوِعَةُ عَلَى الزِّنَى، إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً فَفَتَقَهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي فَتْقِهَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ الْوَطْءُ دُونَ الْفَتْقِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَهَا. وَلَنَا، أَنَّهُ ضَرَرٌ حَصَلَ مِنْ فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ، كَأَرْشِ بَكَارَتِهَا، وَمَهْرِ مِثْلِهَا، وَكَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي قَطْعِ يَدِهَا، فَسَرَى الْقَطْعُ إلَى نَفْسِهَا. وَفَارَقَ مَا إذَا أَذِنَتْ فِي وَطْئِهَا، فَقَطَعَ يَدَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَلَا مِنْ ضَرُورَتِهِ.

[فَصْلٌ وَطِئَ امْرَأَة بِشُبْهَةِ فَأَفْضَاهَا]

(٦٩٩١) فَصْلٌ: وَإِنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةِ فَأَفْضَاهَا، فَعَلَيْهِ أَرْشُ إفْضَائِهَا، مَعَ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ إنَّمَا أُذِنَ فِيهِ اعْتِقَادًا أَنَّ الْمُسْتَوْفِيَ لَهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ، فَإِذَا كَانَ غَيْرُهُ، ثَبَتَ فِي حَقِّهِ وُجُوبُ الضَّمَانِ لِمَا أَتْلَفَ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ لِمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُسْتَحِقُّهُ، فَبَانَ أَنَّهُ غَيْرُهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ لَهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَرْشِ إفْضَائِهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ لِإِتْلَافِ الْعُضْوِ، فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ ضَمَانِهِ وَضَمَانِ مَنْفَعَتِهِ، كَمَا لَوْ قَلَعَ عَيْنًا.

وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ جِنَايَةٌ تُنْقَلُ عَنْ الْوَطْءِ، فَلَمْ يَدْخُلُ بَدَلُهُ فِيهَا، كَمَا لَوْ كَسَرَ صَدْرَهَا. وَمَا ذَكَرُوهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ لِاسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ، وَالْأَرْشُ يَجِبُ لِإِتْلَافِ الْحَاجِزِ، فَلَا تَدْخُلُ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ.

[فَصْلٌ اسْتَطْلَقَ بَوْل الْمُكْرَهَة عَلَى الزِّنَى وَالْمَوْطُوءَة بِشُبْهَةِ مَعَ إفْضَائِهِمَا.]

(٦٩٩٢) فَصْلٌ: وَإِنْ اسْتَطْلَقَ بَوْلُ الْمُكْرَهَةِ عَلَى الزِّنَى، وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، مَعَ إفْضَائِهِمَا، فَعَلَيْهِ دِيَتُهُمَا وَالْمَهْرُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَيَجِبُ أَكْثَرُهُمَا. وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ.

[مَسْأَلَة دِيَة الضِّلْع وَالتَّرْقُوَة]

(٦٩٩٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَفِي الضِّلْعِ بَعِيرٌ، وَفِي التَّرْقُوَةِ بَعِيرَانِ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ فِي كُلِّ تَرْقُوَةٍ بَعِيرَيْنِ، فَيَكُونُ فِي التَّرْقُوَتَيْنِ أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ. وَهَذَا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَالتَّرْقُوَةُ: هُوَ الْعَظْمُ الْمُسْتَدِيرُ حَوْلَ الْعُنُقِ مِنْ النَّحْرِ إلَى الْكَتِفَ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ تَرْقُوَتَانِ، فَفِيهِمَا أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ، فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْخِرَقِيِّ التَّرْقُوَتَانِ مَعًا، وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِلَفْظِ الْوَاحِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>