للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ يُؤْخَذ مَال الْمُرْتَدّ فَيُجْعَلُ عِنْدَ ثِقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ]

(٧٠٩٢) فَصْلٌ: وَيُؤْخَذُ مَالُ الْمُرْتَدِّ، فَيُجْعَلُ عِنْدَ ثِقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ إمَاءٌ جُعِلْنَ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ؛ لِأَنَّهُنَّ مُحَرَّمَاتٌ عَلَيْهِ، فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُنَّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُؤْجَرُ عَقَارُهُ، وَعَبِيدُهُ، وَإِمَاؤُهُ. وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُفْعَلَ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ انْتِظَارِهِ قَرِيبَةٌ، لَيْسَ فِي انْتِظَارِهِ فِيهَا ضَرَرٌ، فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ مَنَافِعُ مِلْكِهِ فِيمَا لَا يَرْضَاهُ مِنْ أَجْلِهَا، فَإِنَّهُ رُبَّمَا رَاجَعَ الْإِسْلَامَ، فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ بِإِجَارَةِ الْحَاكِمِ لَهُ. وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَوْ تَعَذَّرَ قَتْلُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا يَرَى الْحَظَّ فِيهِ، مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ وَغَيْرِهِ، وَإِجَارَةِ مَا يَرَى إبْقَاءَهُ، وَالْمُكَاتَبُ يُؤَدِّي إلَى الْحَاكِمِ، فَإِذَا أَدَّى عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ.

[فَصْلٌ تَصَرُّفَات الْمُرْتَدّ فِي رِدَّتِهِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِير وَالْوَصِيَّةِ]

(٧٠٩٣) فَصْلٌ: وَتَصَرُّفَاتُ الْمُرْتَدِّ فِي رِدَّتِهِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ؛ إنْ أَسْلَمَ تَبَيَّنَّا أَنَّ تَصَرُّفَهُ كَانَ صَحِيحًا، وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ، كَانَ بَاطِلًا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، تَصَرُّفُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ زَالَ بِرِدَّتِهِ. وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ فِي الْآخَرِ: إنْ تَصَرَّفَ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، انْبَنَى عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ تَصَرَّفَ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ كَالسَّفِيهِ. وَلَنَا، أَنَّ مِلْكَهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ فِيهِ، فَكَانَ تَصَرُّفُهُ مَوْقُوفًا، كَتَبَرُّعِ الْمَرِيضِ.

[فَصْلٌ إنْ تَزَوَّجَ الْمُرْتَدّ لَمْ يَصِحّ تَزَوُّجُهُ]

(٧٠٩٤) فَصْلٌ: وَإِنْ تَزَوَّجَ، لَمْ يَصِحَّ تَزَوُّجُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى النِّكَاحِ، وَمَا مَنَعَ الْإِقْرَارَ عَلَى النِّكَاحِ، مَنَعَ انْعِقَادَهُ، كَنِكَاحِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةَ. وَإِنْ زَوَّجَ، لَمْ يَصِحَّ تَزْوِيجُهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى مُوَلِّيَتِهِ قَدْ زَالَتْ بِرِدَّتِهِ. وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَكُونُ مَوْقُوفًا، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَمَةِ فَلَا بُدَّ فِي عَقْدِهِ مِنْ وِلَايَةٍ صَحِيحَةٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ تُزَوِّجَ أَمَتَهَا، وَكَذَلِكَ الْفَاسِقُ، وَالْمُرْتَدُّ لَا وِلَايَةَ لَهُ، فَإِنَّهُ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْفَاسِقِ الْكَافِرِ.

[فَصْلٌ إنْ وَجَدَ مِنْ الْمُرْتَدّ سَبَبٌ يَقْتَضِي الْمِلْكَ]

(٧٠٩٥) فَصْلٌ: وَإِنْ وُجِدَ مِنْ الْمُرْتَدِّ سَبَبٌ يَقْتَضِي الْمِلْكَ، كَالصَّيْدِ، وَالِاحْتِشَاشِ، وَالِاتِّهَابِ، وَالشِّرَاءِ، وَإِيجَارِ نَفْسِهِ إجَارَةً خَاصَّةً، أَوْ مُشْتَرَكَةً، ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمِلْكِ، وَكَذَلِكَ تَثْبُتُ أَمْلَاكُهُ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مِلْكًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْمِلْكِ، وَلِهَذَا زَالَتْ أَمْلَاكُهُ الثَّابِتَةُ لَهُ، فَإِنْ رَاجَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>