للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجٌ كَتَمَتْهُ، فَرَجَمَهَا، وَجَلَدَ زَوْجَهَا الْآخَرَ مِائَةَ جَلْدَةِ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، لِعُذْرِ الْجَهْلِ، وَلِذَلِكَ دَرَأَ عُمَرُ عَنْهُمَا الْحَدَّ؛ لِجَهْلِهِمَا.

[فَصْل إقَامَة الْحَدّ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاح مُخْتَلِف فِيهِ]

(٧١٦٠) فَصْلٌ: وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَالشِّغَارِ، وَالتَّحْلِيلِ، وَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ، وَنِكَاحِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ أُخْتِهَا الْبَائِنِ، وَنِكَاحِ الْخَامِسَةِ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ الْبَائِنِ، وَنِكَاحِ الْمَجُوسِيَّةِ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي إبَاحَةِ الْوَطْءِ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبَهِ.

[فَصْلٌ وَطْء جَارِيَة مُشْتَرَكَة بَيْنَهُ بَيْنَ غَيْره]

(٧١٦١) فَصْلٌ: وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ بِوَطْءِ جَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ بَيْنَ غَيْرِهِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَجِبُ. وَلَنَا، أَنَّهُ فَرْجٌ لَهُ مِلْكٌ، فَلَا يُحَدُّ بِوَطْئِهِ، كَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمَرْهُونَةِ.

[فَصْل اشْتَرَى أُمّه أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَة وَنَحْوهمَا وَوَطِئَهُمَا]

(٧١٦٢) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَنَحْوَهُمَا، وَوَطِئَهُمَا، فَذَكَرَ الْقَاضِي عَنْ أَصْحَابِنَا، أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ فَرْجٌ لَا يُسْتَبَاحُ بِحَالٍ، فَوَجَبَ الْحَدُّ بِالْوَطْءِ، كَفَرْجِ الْغُلَامِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا حَدَّ فِيهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجٍ مَمْلُوكٍ لَهُ، يَمْلِكُ الْمُعَاوَضَةَ عَنْهُ، وَأَخْذَ صَدَاقِهِ، فَلَمْ يَجِبْ بِهِ الْحَدُّ، كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ. فَأَمَّا إنْ اشْتَرَى ذَاتَ مَحْرَمِهِ مِنْ النَّسَبِ، مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَوَطِئَهَا، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ فِيهَا، فَلَمْ تُوجَدْ الشُّبْهَةُ.

[فَصْل فِيمَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ زَوْجَتِهِ فَوَطِئَهَا يَعْتَقِدهَا زَوْجَتَهُ]

(٧١٦٣) فَصْلٌ: فَإِنْ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ زَوْجَتِهِ، وَقِيلَ: هَذِهِ زَوْجَتُك. فَوَطِئَهَا يَعْتَقِدُهَا زَوْجَتَهُ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَإِنْ لَمْ يُقَلْ لَهُ: هَذِهِ زَوْجَتُك. أَوْ وَجَدَ عَلَى فِرَاشِهِ امْرَأَةً ظَنَّهَا امْرَأَتَهُ، أَوْ جَارِيَتَهُ، فَوَطِئَهَا، أَوْ دَعَا زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ، فَجَاءَتْهُ غَيْرُهَا، فَظَنَّهَا الْمَدْعُوَّةَ، فَوَطِئَهَا، أَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِعَمَاهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ فِي مَحَلٍّ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ وَطْءٌ اعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ بِمَا يُعْذَرُ مِثْلُهُ فِيهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قِيلَ لَهُ: هَذِهِ زَوْجَتُك. وَلِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَهَذِهِ مِنْ أَعْظَمِهَا. فَأَمَّا إنْ دَعَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، فَأَجَابَهُ غَيْرُهَا، فَوَطِئَهَا يَظُنُّهَا الْمَدْعُوَّةَ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، سَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>