للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الْيَمَنِ، فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَشْقَرَ، عَلَيْهِ سَرْجٌ مُذْهَبٌ، وَسِلَاحٌ مُذْهَبٌ، فَجَعَلَ يُغْرِي بِالْمُسْلِمِينَ، وَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ، فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ، فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ، فَعَلَاهُ فَقَتَلَهُ، وَحَازَ فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، بَعَثَ إلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَخَذَ مِنْ السَّلَبِ، قَالَ عَوْفٌ: فَأَتَيْته فَقُلْت لَهُ: يَا خَالِدُ، أَمَا عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.

وَفِي حَدِيثِ شِبْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ أَخَذَ فَرَسَهُ. كَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ فِيهِ. وَلِأَنَّ الْفَرَسَ يُسْتَعَانُ بِهَا فِي الْحَرْبِ، فَأَشْبَهَتْ السِّلَاحَ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِالرُّمْحِ وَالْقَوْسِ وَاللَّتِّ، فَإِنَّهَا مِنْ السَّلَبِ وَلَيْسَتْ مَلْبُوسَةً. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الدَّابَّةَ وَمَا عَلَيْهَا؛ مِنْ سَرْجِهَا، وَلِجَامِهَا وَتَجْفِيفِهَا، وَحِلْيَةٍ إنْ كَانَتْ عَلَيْهَا، وَجَمِيعِ آلَتِهَا مِنْ السَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا، وَيُسْتَعَانُ بِهِ فِي الْحَرْبِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْ السَّلَبِ إذَا كَانَ رَاكِبًا عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ، أَوْ مُنْفَلِتَةً، لَمْ تَكُنْ مِنْ السَّلَبِ، كَالسِّلَاحِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا عَلَيْهَا فَصَرَعَهُ عَنْهَا، أَوْ أَشْعَرَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَتَلَهُ بَعْدَ نُزُولِهِ عَنْهَا، فَهِيَ مِنْ السَّلَبِ. وَهَكَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ.

وَإِنْ كَانَ مُمْسِكًا بِعِنَانِهَا، غَيْرَ رَاكِبٍ عَلَيْهَا، فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، مِنْ السَّلَبِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَتْ سَيْفَهُ أَوْ رُمْحَهُ فِي يَدِهِ. وَالثَّانِيَةُ، لَيْسَتْ مِنْ السَّلَبِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتِيَارُ الْخَلَّالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَاكِبٍ عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَتْ مَعَ غُلَامِهِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى فَرَسٍ، وَفِي يَدِهِ جَنِيبَةٌ، لَمْ تَكُنْ الْجَنِيبَةُ مِنْ السَّلَبِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ رُكُوبُهُمَا مَعًا.

[فَصْل لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْقَتْلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ]

(٧٤٧٦) فَصْل وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْقَتْلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُعْطَى السَّلَبَ إذَا قَالَ: أَنَا قَتَلْته. وَلَا يُسْأَلُ بَيِّنَةً؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبِلَ قَوْلَ أَبِي قَتَادَةَ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>