للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ فَضْلٌ، فَرَضِيَ بِرَدِّ قِيمَةِ الْفَضْلِ، جَازَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، بِيعُوا جُمْلَةً، وَقُسِمَ ثَمَنُهُمْ، أَوْ يَجْعَلُوا فِي الْخُمُسِ.

وَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمْ فِي الْعِتْقِ وَالْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا تَفْرِقَةَ فِيهِ فِي الْمَكَانِ، وَالْفِدَاءُ تَخْلِيصٌ، فَهُوَ كَالْعِتْقِ.

[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى مِنْ الْمَغْنَمِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَحَسِبُوا عَلَيْهِ بِنَصِيبِهِ]

(٧٥٣٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ اشْتَرَى مِنْهُمْ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ، فَتَبَيَّنَ أَنْ لَا نَسَبَ بَيْنَهُمْ، رَدَّ إلَى الْمُقَسِّمِ الْفَضْلَ الَّذِي فِيهِ بِالتَّفْرِيقِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْمَغْنَمِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرِ، وَحَسِبُوا عَلَيْهِ بِنَصِيبِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ أَقَارِبُ، يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمْ، فَبَانَ أَنَّهُ لَا نَسَبَ بَيْنَهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْفَضْلِ الَّذِي فِيهِمْ عَلَى الْمَغْنَمِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُمْ تَزِيدُ بِذَلِكَ، فَإِنَّ اشْتَرَى اثْنَيْنِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ إحْدَاهُمَا أُمُّ الْأُخْرَى، لَا يَحِلُّ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ، وَلَا بَيْعُ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، فَكَانَتْ قِيمَتُهُمَا قَلِيلَةً لِذَلِكَ، فَإِنْ بَانَ أَنَّ إحْدَاهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْ الْأُخْرَى، أُبِيحَ لَهُ وَطْؤُهُمَا، وَبَيْعُ إحْدَاهُمَا، فَتَكْثُرُ قِيمَتُهُمَا، فَيَجِبُ رَدُّ الْفَضْلِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا فَوَجَدَ مَعَهُمَا حُلِيًّا أَوْ ذَهَبًا فَتُكْثِرُ قِيمَتهمَا، وَكَمَا لَوْ أَخَذَ دَرَاهِمَ، فَبَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا حُسِبَ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَة سُبِيَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ]

مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ سُبِيَ مِنْ أَطْفَالِهِمْ مُنْفَرِدًا، أَوْ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَمَنْ سُبِيَ مَعَ أَبَوَيْهِ، فَهُوَ عَلَى دِينِهِمَا) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا سُبِيَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ، صَارَ رَقِيقًا، وَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يُسْبَى مُنْفَرِدًا عَنْ أَبَوَيْهِ، فَهَذَا يَصِيرُ مُسْلِمًا إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الدِّينَ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ تَبَعًا، وَقَدْ انْقَطَعَتْ تَبَعِيَّتُهُ لِأَبَوَيْهِ، لِانْقِطَاعِهِ عَنْهُمَا، وَإِخْرَاجِهِ عَنْ دَارِهِمَا، وَمَصِيرِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ تَبَعًا لِسَابِيهِ الْمُسْلِمِ، فَكَانَ تَابِعًا لَهُ فِي دِينِهِ.

وَالثَّانِي، أَنْ يُسْبَى مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَيْضًا. وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: يَكُونُ تَابِعًا لِأَبِيهِ فِي الْكُفْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ عَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، فَلَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ، كَمَا لَوْ سُبِيَ مَعَهُمَا. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ سُبِيَ مَعَ أَبِيهِ يَتْبَعُهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي الدِّينِ، كَمَا يَتْبَعُهُ فِي النَّسَبِ، وَإِنْ سُبِيَ مَعَ أُمِّهِ فَهُوَ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا فِي النَّسَبِ، فَكَذَلِكَ فِي الدِّينِ.

وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» . فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَتَى عُلِّقَ بِشَيْئَيْنِ، لَا يَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا، وَلِأَنَّهُ يَتْبَعُ سَابِيه

<<  <  ج: ص:  >  >>