للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعُهَا. وَإِنْ لَمْ يُرِدْهَا أَحَدٌ مِنْ الْغَانِمِينَ، جَازَ إرْسَالُهَا، أَوْ إعْطَاؤُهَا غَيْرَ الْغَانِمِينَ، وَإِنْ رَغِبَ فِيهَا بَعْضُ الْغَانِمِينَ دُونَ بَعْضٍ، دُفِعَتْ إلَيْهِ، وَلَمْ تَحْسِبْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا، وَإِنْ رَغِبَ فِيهَا الْجَمِيعُ، أَوْ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، فَأَمْكَنَ قَسْمُهَا يَكُونُ عَدَدًا مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ، وَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ، أَوْ تَنَازَعُوا فِي الْجَيِّدِ مِنْهَا، فَطَلَبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فِيهَا. وَإِنْ وَجَدُوا خَنَازِيرَ، قَتَلُوهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْذِيَةٌ، وَلَا نَفْعَ فِيهَا.

وَإِنْ وَجَدُوا خَمْرًا أَرَاقُوهُ، وَإِنْ كَانَ فِي ظُرُوفِهِ نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ، أَخَذُوهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَفْعٌ، كَسَرُوهَا؛ لِئَلَّا يَعُودُوا إلَى اسْتِعْمَالِهَا.

(٧٥٦١) فَصْلٌ: وَلِلْغَازِي أَنْ يَعْلِفَ دَوَابَّهُ، وَيُطْعِمَ رَقِيقَهُ، مِمَّا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانُوا لِلْقُنْيَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَشْتَرِي الرَّجُلُ السَّبْيَ فِي بِلَادِ الرُّومِ، يُطْعِمُهُمْ مِنْ طَعَامِ الرُّومِ؟ قَالَ: نَعَمْ، يُطْعِمُهُمْ. وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْت أَبِي عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِلَادَ الرُّومِ، وَمَعَهُ الْجَارِيَةُ وَالدَّابَّةُ لِلتِّجَارَةِ، إنْ أَطْعَمَهُمَا يَعْنِي الْجَارِيَةَ وَعَلَفَ الدَّابَّةِ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ.

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إطْعَامُ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْغَزْوِ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: رَجَعَ أَحْمَدُ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ بَعْدَ هَذَا، أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَا يُرَادُ بِهِ التِّجَارَةُ.

[مَسْأَلَةٌ وَيُشَارِكُ الْجَيْشُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَتْ]

(٧٥٦٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيُشَارِكُ الْجَيْشُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَتْ، وَيُشَارِكُونَهُ فِيمَا غَنِمَ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْجَيْشَ إذَا فَصَلَ غَازِيًا، فَخَرَجَتْ مِنْهُ سَرِيَّةٌ أَوْ أَكْثَرُ، فَأَيُّهُمَا غَنِمَ، شَارَكَهُ الْآخَرُ. فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَحَمَّادٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إنْ شَاءَ الْإِمَامُ خَمَسَ مَا تَأْتِي بِهِ السَّرِيَّةُ، وَإِنْ شَاءَ نَفَلَهُمْ إيَّاهُ كُلَّهُمْ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا غَزَا هَوَازِنَ، بَعَثَ سَرِيَّةً مِنْ الْجَيْشِ قِبَلَ أَوْطَاسٍ، فَغَنِمَتْ السَّرِيَّةُ، فَأَشْرَكَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَيْشِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَرَوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَيَرُدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعَدِهِمْ» . وَفِي تَنْفِيلِ النَّبِيِّ فِي الْبَدَاءَةِ الرُّبْعَ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ، دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاكِهِمْ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ اخْتَصُّوا بِمَا غَنِمُوهُ، لِمَا كَانَ ثُلُثُهُ نَفْلًا، وَلِأَنَّهُمْ جَيْشٌ وَاحِدٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رِدْءٌ لِصَاحِبِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>