للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَقَوْلِ عُمَرَ: الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ. وَلِأَنَّهُ حَاضِرٌ لِلْوَقْعَةِ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، فَيُسْهَمُ لَهُ كَغَيْرِ الْأَجِيرِ.

فَأَمَّا الَّذِينَ يُعْطُونَ مِنْ حَقِّهِمْ مِنْ الْفَيْءِ، فَلَهُمْ سِهَامُهُمْ، لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ لِيَغْزُوَ، لَا أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ جِهَادِهِ، بَلْ نَفْعُ جِهَادِهِ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ. وَكَذَلِكَ مَنْ يُعْطَوْنَ مِنْ الصَّدَقَاتِ، وَهُمْ الَّذِينَ إذَا نَشِطُوا لِلْغَزْوِ أُعْطُوا، فَإِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مَعُونَةً، لَا عِوَضًا، وَلِذَلِكَ إذَا دَفَعَ إلَى الْغُزَاةِ مَا يَتَقَوَّوْنَ بِهِ، وَيَسْتَعِينُونَ بِهِ، كَانَ لَهُ فِيهِ الثَّوَابُ، وَلَمْ يَكُنْ عِوَضًا. قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» .

[فَصْلٌ الْمُسْتَأْجَر عَلَى خِدْمَةِ الْقَوْمِ هَلْ يُسْهَمُ لَهُ]

(٧٦٠٠) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْأَجِيرُ لِلْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ، أَوْ الَّذِي يُكْرِي دَابَّةً لَهُ، وَيَخْرُجُ مَعَهَا، وَيَشْهَدُ الْوَقْعَةَ، فَعَنْ أَحْمَدْ، فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا سَهْمَ لَهُ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، قَالَا: الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى خِدْمَةِ الْقَوْمِ لَا سَهْمَ لَهُ. وَوَجْهُهُ حَدِيثُ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ. وَالثَّانِيَةُ، يُسْهَمُ لَهُمَا، إذَا شَهِدَا الْقِتَالَ مَعَ النَّاسِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ إذَا قَاتَلَ، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالْخِدْمَةِ فَلَا سَهْمَ لَهُ.

وَاحْتَجَّ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِحَدِيثِ «سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّهُ كَانَ أَجِيرًا لِطَلْحَةَ حِينَ أَدْرَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُيَيْنَةَ، حِينَ أَغَارَ عَلَى سَرْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ» . وَقَالَ الْقَاضِي: يُسْهَمُ لَهُ إذَا كَانَ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ، وَقَصْدُهُ الْجِهَادَ، فَأَمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يُسْهَمُ لَهُ إذَا قَاتَلَ، وَيُرْفَعُ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَهُ نَفَقَةُ مَا اشْتَغَلَ عَنْهُ.

[فَصْلٌ التَّاجِر وَالْأَجِيرُ إذَا كَانَا مَعَ الْمُجَاهِدِينَ]

(٧٦٠١) فَصْلٌ: فَأَمَّا التَّاجِرُ وَالصَّانِعُ، كَالْخَيَّاطِ وَالْخَبَّازِ وَالْبَيْطَارِ وَالْحَدَّادِ وَالْإِسْكَافِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: يُسْهَمُ لَهُمْ إذَا حَضَرُوا. قَالَ أَصْحَابُنَا: قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا. وَبِهِ قَالَ فِي التَّاجِرِ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُسْهَمُ لَهُمْ، إلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِنَا. وَعَنْهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ بِحَالٍ.

قَالَ الْقَاضِي، فِي التَّاجِرِ وَالْأَجِيرِ: إذَا كَانَا مَعَ الْمُجَاهِدِينَ، وَقَصْدُهُمَا الْجِهَادُ، وَإِنَّمَا مَعَهُ الْمَتَاعُ إنْ طُلِبَ مِنْهُ بَاعَهُ، وَالْأَجِيرُ قَصْدُهُ الْجِهَادُ أَيْضًا، فَهَذَانِ يُسْهَمُ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا غَازِيَانِ، وَالصُّنَّاعُ بِمَنْزِلَةِ التُّجَّارِ، مَتَى كَانُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْقِتَالِ، وَمَعَهُمْ السِّلَاحُ، فَمَتَى عَرَضَ اشْتَغَلُوا بِهِ، أُسْهِمَ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ فِي الْجِهَادِ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا يَشْتَغِلُونَ بِغَيْرِهِ عِنْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْهُ.

[فَصْلٌ دَخَلَ قَوْمٌ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَغَنِمُوا]

(٧٦٠٢) فَصْلٌ: إذَا دَخَلَ قَوْمٌ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ دَارَ الْحَرْبِ، بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، فَغَنِمُوا، فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>