للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْغَنِيمَةَ إذَا احْتَاجَتْ إلَى مَنْ يَحْفَظُهَا، أَوْ سَوْقِ الدَّوَابِّ الَّتِي هِيَ مِنْهَا، أَوْ يَرْعَاهَا، أَوْ يَحْمِلُهَا، فَإِنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَيُؤَدِّيَ أُجْرَتَهَا مِنْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُؤْنَتِهَا، فَهُوَ كَعَلَفِ الدَّوَابِّ، وَطَعَامِ السَّبْيِ، وَمَنْ أَجَرَ نَفْسَهُ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَهُ أُجْرَتُهُ مُبَاحَةً، لِأَنَّهُ أَجَرَ نَفْسَهُ لِفِعْلٍ بِالْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ حَاجَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ أُجْرَتُهُ كَمَا لَوْ أَجَرَ نَفْسَهُ عَلَى الدَّلَالَةِ إلَى الطَّرِيقِ.

فَأَمَّا قَوْلُهُ: إنْ كَانَ رَاجِلًا أَوْ عَلَى دَابَّةٍ يَمْلِكُهَا. فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ لَا يَرْكَبُ مِنْ دَوَابِّ الْمَغْنَمِ، وَلَا فَرَسًا حَبِيسًا.

قَالَ أَحْمَدُ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَجِّرَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ عَلَى دَابَّتِهِ وَكَرِهَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْقَوْمَ عَلَى سِبَاقِ الرَّمَكِ عَلَى فَرَسٍ حَبِيسٍ، لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ الْفَرَسَ الْمَوْقُوفَةَ لِلْجِهَادِ فِيمَا يَخْتَصُّ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ فَإِنْ أَجَرَ نَفْسَهُ، فَرَكِبَ الدَّابَّةَ الْحَبِيسَ، أَوْ دَابَّةً مِنْ الْمَغْنَمِ، لَمْ تَطِبْ لَهُ أُجْرَةٌ، لِأَنَّ الْمُعِينَ لَهُ عَلَى الْعَمَلِ يَخْتَصُّ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِيهِ دَوَابَّ الْمَغْنَمِ، وَلَا دَوَابَّ الْحَبِيسِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ بِقَدْرِ أَجْرِ الدَّابَّةِ، يُرَدُّ فِي الْغَنِيمَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْغَنِيمَةِ، أَوْ يُصْرَفَ فِي نَفَقَةِ دَوَابِّ الْحَبِيسِ إنْ كَانَ الْفَرَسُ حَبِيسًا.

(٧٦٢٨) فَصْلٌ: فَإِنْ شَرَطَ فِي الْإِجَارَةِ رُكُوبَ دَابَّةٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أُجْرَةٍ تُدْفَعُ مِنْ الْمَغْنَمِ. وَلَوْ أَجَرَ نَفْسَهُ بِدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ الْمَغْنَمِ، صَحَّ فَإِذَا جَعَلَ أَجْرَهُ رُكُوبَهَا، كَانَ أَوْلَى، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَجْهُولًا، فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ إجَارَتِهَا كَوْنَ عِوَضِهَا مَعْلُومًا. وَإِنْ شَرَطَ فِي الْإِجَارَةِ رُكُوبَ دَابَّةٍ مِنْ الْحَبِيسِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهَا إنَّمَا حُبِسَتْ عَلَى الْجِهَادِ، وَلَيْسَ هَذَا بِجِهَادٍ، إنَّمَا هُوَ نَفْعٌ لِأَهْلِ الْغَنِيمَةِ

[فَصْلٌ الِانْتِفَاعُ مِنْ الْغَنِيمَةِ]

(٧٦٢٩) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِرُكُوبِ دَابَّةٍ مِنْهَا وَلَا لُبْسِ ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِهَا، لِمَا رَوَى رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: لَا أَقُولُ لَكُمْ إلَّا مَا سَمِعْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَرْكَبْ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى إذَا أَعْجَفَهَا، رَدَّهَا فِيهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى إذَا أَخْلَقَهُ، رَدَّهُ فِيهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْأَثْرَمُ وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ بُلَيْدَةٌ قَالَ: «أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِوَادِي الْقُرَى، فَقُلْت: مَا تَقُولُ فِي الْغَنِيمَةِ؟ فَقَالَ: لِلَّهِ خُمُسُهَا، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْجَيْشِ فَقُلْت: فَمَا أَحَدٌ أَوْلَى بِهِ أَحَدٌ؟ قَالَ: لَا، وَلَا السَّهْمُ تَسْتَخْرِجُهُ مِنْ جَنْبِك أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَخِيك الْمُسْلِمِ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.

وَلِأَنَّ الْغَنِيمَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَأَهْلِ الْخُمْسِ، فَلَمْ يَجُزْ لِوَاحِدٍ الِاخْتِصَاصُ بِمَنْفَعَتِهِ، كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ، فَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْقِتَالِ بِسِلَاحِهِمْ، فَلَا بَأْسَ قَالَ أَحْمَدُ إذَا كَانَ أَنْكَى فِيهِمْ، أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ، فَنَعَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>