للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٧٧٠٦) فَصْلٌ: فَإِنْ شَرِبَ دَمَهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ

، لَمْ يَحْرُمْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَرِهَهُ الشَّعْبِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَكْلِ.

وَلَنَا، عُمُومُ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، وَإِنَّمَا خَرَجَ مِنْهُ مَا أَكَلَ مِنْهُ بِحَدِيثِ عَدِيٍّ: " فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ، فَلَا تَأْكُلْ ". وَهَذَا لَمْ يَأْكُلْ، وَلِأَنَّ الدَّمَ لَا يَقْصِدُهُ الصَّائِدُ مِنْهُ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ، فَلَا يَخْرُجُ بِشُرْبِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مُمْسِكًا عَلَى صَائِدِهِ.

(٧٧٠٧) فَصْلٌ: وَلَا يَحْرُمُ مَا صَادَهُ الْكَلْبُ بَعْدَ الصَّيْدِ الَّذِي أَكَلَ مِنْهُ.

وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا، فَتُعْتَبَرُ لَهُ شُرُوطُ التَّعْلِيمِ ابْتِدَاءً. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي صَيْدِهِ الَّذِي قَبْلَ الْأَكْلِ.

الشَّرْطُ السَّادِسُ، أَنْ يُجْرَحَ الصَّيْدَ، فَإِنْ خَنَقَهُ، أَوْ قَتَلَهُ بِصَدْمَتِهِ، لَمْ يُبَحْ. قَالَ الشَّرِيفُ: وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُهُمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي قَوْلٍ لَهُ: يُبَاحُ؛ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ جَرْحٍ، أَشْبَهَ مَا قَتَلَهُ بِالْحَجَرِ وَالْبُنْدُقِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْمَوْقُوذَةَ، وَهَذَا كَذَلِكَ، وَهَذَا يَخُصُّ مَا ذَكَرُوهُ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ، فَكُلْ» . يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ مَا لَمْ يَنْهَرْ الدَّمَ.

الشَّرْطُ السَّابِعُ، أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى صَيْدٍ، فَإِنْ أَرْسَلَهُ وَهُوَ لَا يَرَى شَيْئًا، وَلَا يُحِسُّ بِهِ، فَأَصَابَ صَيْدًا، لَمْ يُبَحْ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهُ عَلَى الصَّيْدِ، وَإِنَّمَا اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ. وَهَكَذَا إنْ رَمَى سَهْمًا إلَى غَرَضٍ، فَأَصَابَ صَيْدًا، أَوْ رَمَى بِهِ إلَى فَوْقِ رَأْسِهِ فَوَقَعَ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ، لَمْ يُبَحْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِرَمْيِهِ عَيْنًا، فَأَشْبَهَ مَنْ نَصَبَ سِكِّينًا، فَانْذَبَحَتْ بِهَا شَاةٌ.

[فَصْلٌ: كُلُّ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَيُمْكِنُ الِاصْطِيَادُ بِهِ مِنْ السِّبَاعِ أَوْ الْجَوَارِحِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْكَلْبِ]

(٧٧٠٨) فَصْلٌ: وَكُلُّ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ، وَيُمْكِنُ الِاصْطِيَادُ بِهِ مِنْ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ، كَالْفَهْدِ، أَوْ جَوَارِحِ الطَّيْرِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْكَلْبِ فِي إبَاحَةِ صَيْدِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: ٤] : هِيَ الْكِلَابُ الْمُعَلَّمَةُ، وَكُلُّ طَيْرٍ تَعَلَّمَ الصَّيْدَ، وَالْفُهُودُ وَالصُّقُورُ وَأَشْبَاهُهَا. وَبِمَعْنَى هَذَا قَالَ طَاوُسٌ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْحَسَنُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ.

وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٍ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصَّيْدُ إلَّا بِالْكَلْبِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤] . يَعْنِي كَلَّبْتُمْ مِنْ الْكِلَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>