للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْإِرْسَالِ وَالْإِعْتَاقِ، كَمَا لَوْ أَرْسَلَ الْبَعِيرَ وَالْبَقَرَةَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَزُولَ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، فَالْإِرْسَالُ يَرُدُّهُ إلَى أَصْلِهِ، وَيُفَارِقُ بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدِهِمَا، أَنَّ الْأَصْلَ هَاهُنَا الْإِبَاحَةُ، وَبَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ بِخِلَافِهِ. الثَّانِي، أَنَّ الْإِرْسَالَ هَاهُنَا يُفِيدُ، وَهُوَ رَدُّ الصَّيْدِ إلَى الْخَلَاصِ مِنْ أَيْدِي الْآدَمِيِّينَ وَحَبْسِهِمْ، وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ اشْتَرَى عُصْفُورًا مِنْ صَبِيٍّ فَأَرْسَلَهُ.

وَيَجِبُ إرْسَالُ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ إذَا أَحْرَمَ، أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ وَهُوَ فِي يَدِهِ، بِخِلَافِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، فَإِنَّ إرْسَالَهُ تَضْيِيعٌ لَهُ، وَرُبَّمَا هَلَكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ فِي سَفِينَةٍ فَوَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَسَقَطَتْ فِي حِجْرِهِ]

(٧٧٣٧) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ، فَوَثَبَتْ سَمَكَةٌ، فَسَقَطَتْ فِي حِجْرِهِ، فَهِيَ لَهُ دُونَ صَاحِبِ السَّفِينَةِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَكَةَ مِنْ الصَّيْدِ الْمُبَاحِ، يُمْلَكُ بِالسَّبْقِ إلَيْهِ، وَهَذِهِ حَصَلَتْ فِي يَدِ الَّذِي هِيَ فِي حِجْرِهِ، وَحِجْرُهُ لَهُ، وَيَدُهُ عَلَيْهِ، دُونَ صَاحِبِ السَّفِينَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ تَنَازَعَا كِيسًا فِي حِجْرِهِ، كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ صَاحِبِ السَّفِينَةِ، كَذَا هَاهُنَا.

وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ السَّمَكَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي السَّفِينَةِ، فَهِيَ لِصَاحِبِهَا. وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى؛ لِأَنَّ السَّفِينَةَ مِلْكُهُ، وَيَدُهُ عَلَيْهَا، فَمَا حَصَلَ مِنْ الْمُبَاحِ فِيهَا، كَانَ أَحَقَّ بِهِ، كَحِجْرِهِ.

(٧٧٣٨) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ السَّمَكَةُ وَثَبَتْ بِسَبَبِ فِعْلِ إنْسَانٍ لِقَصْدِ الصَّيْدِ، كَالصَّيَّادِ الَّذِي يَجْعَلُ فِي السَّفِينَةِ ضَوْءًا بِاللَّيْلِ، وَيَدُقُّ بِشَيْءٍ كَالْجَرَسِ لِيَثِبَ السَّمَكُ فِي السَّفِينَةِ، فَهَذَا لِلصَّائِدِ دُونَ مَنْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّائِدَ أَثْبَتَهَا بِذَلِكَ، فَصَارَ كَمَنْ رَمَى طَائِرًا فَأَلْقَاهُ فِي دَارِ قَوْمٍ. وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الصَّيْدَ بِهَذَا، بَلْ حَصَلَ اتِّفَاقًا، كَانَتْ لِمَنْ وَقَعَتْ فِي حِجْرِهِ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يُصَادُ السَّمَكُ بِشَيْءٍ نَجِسٍ]

(٧٧٣٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يُصَادُ السَّمَكُ بِشَيْءٍ نَجِسٍ) وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يُتْرَكَ فِي الْمَاءِ شَيْءٌ نَجِسٌ، كَالْعَذِرَةِ وَالْمَيْتَةِ وَشِبْهِهَا، لِيَأْكُلَهُ السَّمَكُ، فَيَصِيدُوهُ بِهِ، فَكَرِهَ أَحْمَدُ ذَلِكَ، وَقَالَ: هُوَ حَرَامٌ، لَا يُصَادُ بِهِ. وَإِنَّمَا كَرِهَ أَحْمَدُ ذَلِكَ؛ لِمَا يَتَضَمَّنُ مِنْ أَكْلِ السَّمَكِ النَّجَاسَةُ.

وَسَوَاءٌ فِي هَذَا مَا يَتَفَرَّقُ، كَالدَّمِ وَالْعَذِرَةِ، وَمَا لَا يَتَفَرَّقُ، كَالْجُرَذِ وَقِطْعَةٍ مِنْ الْمَيْتَةِ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ الصَّيْدَ بِبَنَاتِ وَرْدَانَ، وَقَالَ: إنَّ مَأْوَاهَا الْحُشُوشُ. وَكَرِهَ الصَّيْدَ بِالضَّفَادِعِ، وَقَالَ: الضُّفْدَعُ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ.

[فَصْلٌ كَرِهَ الصَّيْدَ بِالْخَرَاطِيمِ]

(٧٧٤٠) فَصْلٌ: وَكُرِهَ الصَّيْدُ بِالْخَرَاطِيمِ، وَكُلِّ شَيْءٍ فِيهِ الرُّوحُ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ، فَإِنْ اصْطَادَ، فَالصَّيْدُ مُبَاحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>