للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَرِهَ الصَّيْدَ بالشباش، وَهُوَ طَائِرٌ يَخِيطُ عَيْنَهُ أَوْ يُرْبَطُ، مِنْ أَجْلِ تَعْذِيبِهِ. وَلَمْ يَرَ بَأْسًا بِالصَّيْدِ بِالشَّبَكَةِ، وَالشَّرَكِ، وَشَيْءٍ فِيهِ دبق يَمْنَعُ الطَّيْرَ مِنْ الطَّيَرَانِ، وَأَنْ يُطْعَمَ شَيْئًا إذَا أَكَلَهُ سَكِرَ وَأَخَذَهُ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُ مُرْتَدٍّ وَلَا ذَبِيحَتُهُ]

(٧٧٤١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ مُرْتَدٍّ، وَلَا ذَبِيحَتُهُ، وَإِنْ تَدَيَّنَ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ) يَعْنِي مَا قَتَلَهُ مِنْ الصَّيْدِ وَلَمْ تُدْرَكْ ذَكَاتُهُ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ؛ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ: تُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ إذَا ذَهَبَ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ تَوَلَّى قَوْمًا فَهُوَ مِنْهُمْ. وَلَنَا، أَنَّهُ كَافِرٌ لَا يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ، فَلَمْ تُبَحْ ذَبِيحَتُهُ، كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ. وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابَ الْمُرْتَدِّ.

[مَسْأَلَةٌ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَى الصَّيْدِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا]

(٧٧٤٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَى الصَّيْدِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا، لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ عَامِدًا، لَمْ تُؤْكَلْ، وَإِنْ تَرَكَهَا سَاهِيًا، أُكِلَتْ) أَمَّا الصَّيْدُ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ، وَأَمَّا الذَّبِيحَةُ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، أَنَّهَا شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ، وَتَسْقُطُ بِالسَّهْوِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَإِسْحَاقُ.

وَمِمَّنْ أَبَاحَ مَا نَسِيَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ، عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَرَبِيعَةُ، وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِي عَمْدٍ وَلَا سَهْوٍ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الصَّيْدِ قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] . يَعْنِي الْمَيْتَةَ.

وَذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَلَنَا، قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فَلَا بَأْسَ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَاشِدِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ، إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ» . وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا.

وقَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] . مَحْمُولٌ عَلَى مَا تُرِكَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١] . وَالْأَكْلُ مِمَّا نُسِيَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِفِسْقٍ. وَيُفَارِقُ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ ذَبْحَهُ فِي غَيْرِ مَحَلٍّ، فَاعْتُبِرَتْ التَّسْمِيَةُ تَقْوِيَةً لَهُ، وَالذَّبِيحَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>