للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ التَّسْمِيَةُ عَلَى الذَّبِيحَةِ]

(٧٧٤٣) فَصْلٌ: وَالتَّسْمِيَةُ عَلَى الذَّبِيحَةِ مُعْتَبَرَةٌ حَالَ الذَّبْحِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، كَمَا تُعْتَبَرُ عَلَى الطَّهَارَةِ. وَإِنْ سَمَّى عَلَى شَاةٍ، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى فَذَبَحَهَا بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ، لَمْ يَجُزْ، سَوَاءٌ أَرْسَلَ الْأُولَى أَوْ ذَبَحَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الثَّانِيَةَ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ.

وَإِنْ رَأَى قَطِيعًا مِنْ الْغَنَمِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. ثُمَّ أَخَذَ شَاةً فَذَبَحَهَا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ، لَمْ يَحِلَّ. وَإِنْ جَهِلَ كَوْنَ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ، لَمْ يَجْرِ مَجْرَى النِّسْيَانِ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ يُسْقِطُ الْمُؤَاخَذَةَ، وَالْجَاهِلُ مُؤَاخَذٌ، وَلِذَلِكَ يُفْطِرُ الْجَاهِلُ بِالْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ دُونَ النَّاسِي. وَإِنْ أَضْجَعَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا، وَسَمَّى، ثُمَّ أَلْقَى السِّكِّينَ، وَأَخَذَ أُخْرَى، أَوْ رَدَّ سَلَامًا، أَوْ كَلَّمَ إنْسَانًا، أَوْ اسْتَسْقَى مَاءً، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَذَبَحَ، حَلَّ، لِأَنَّهُ سَمَّى عَلَى تِلْكَ الشَّاةِ بِعَيْنِهَا، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِفَصْلٍ يَسِيرٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ.

[فَصْلٌ سَمَّى الصَّائِدُ عَلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ غَيْرَهُ]

(٧٧٤٤) فَصْلٌ: وَإِنْ سَمَّى الصَّائِدُ عَلَى صَيْدٍ، فَأَصَابَ غَيْرَهُ، حَلَّ. وَإِنْ سَمَّى عَلَى سَهْمٍ ثُمَّ أَلْقَاهُ، وَأَخَذَ غَيْرَهُ فَرَمَى بِهِ، لَمْ يُبَحْ مَا صَادَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُ التَّسْمِيَةِ عَلَى صَيْدٍ بِعَيْنِهِ، اُعْتُبِرَتْ عَلَى الْآلَةِ الَّتِي يَصِيدُ بِهَا، بِخِلَافِ الذَّبِيحَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُبَاحَ، قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ سَمَّى عَلَى سِكِّينٍ، ثُمَّ أَلْقَاهَا وَأَخَذَ غَيْرَهَا. وَسُقُوطُ اعْتِبَارِ تَعْيِينِ الصَّيْدِ لِمَشَقَّتِهِ، لَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ تَعْيِينِ الْآلَةِ، فَلَا يُعْتَبَرُ.

[مَسْأَلَةٌ نَدّ بَعِير فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَسِيلُ بِهِ دَمُهُ فَقَتَلَهُ]

(٧٧٤٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا نَدَّ بَعِيرٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ أَوْ نَحْوِهِ، مِمَّا يَسِيلُ بِهِ دَمُهُ، فَقَتَلَهُ، أُكِلَ) وَكَذَلِكَ إنْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَذْكِيَتِهِ، فَجَرَحَهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ قَدَرَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ، أُكِلَ، إلَّا أَنْ تَكُونَ رَأْسُهُ فِي الْمَاءِ، فَلَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يُعِينُ عَلَى قَتْلِهِ. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.

رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَبِهِ قَالَ مَسْرُوقٌ، وَالْأَسْوَدُ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَإِسْحَاقُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ إلَّا أَنْ يُذَكَّى. وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ، وَاللَّيْثِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَعَلَّ مَالِكًا لَمْ يَسْمَعْ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. وَاحْتُجَّ لِمَالِكٍ بِأَنَّ الْحَيَوَانَ الْإِنْسِيَّ إذَا تَوَحَّشَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْوَحْشِيِّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ، وَلَا يَصِيرُ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ مُبَاحًا إذَا تَوَحَّشَ.

وَلَنَا، مَا رَوَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَدَّ بَعِيرٌ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» . وَفِي لَفْظٍ: «فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>