للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَحَرِبَ ثَوْرٌ فِي بَعْضِ دُورِ الْأَنْصَارِ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ بِالسَّيْفِ، وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَسُئِلَ عَنْهُ عَلِيٌّ فَقَالَ ذَكَاةٌ وَحِيَّةٌ. فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهِ. وَتَرَدَّى بَعِيرٌ فِي بِئْرٍ، فَذُكِّيَ مِنْ قِبَلِ شَاكِلَتِهِ، فَبِيعَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، فَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ عُشْرَهُ بِدِرْهَمَيْنِ.

وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الذَّكَاةِ بِحَالِ الْحَيَوَانِ وَقْتَ ذَبْحِهِ، لَا بِأَصْلِهِ، بِدَلِيلِ الْوَحْشِيِّ إذَا قُدِرَ عَلَيْهِ وَجَبَتْ تَذْكِيَتُهُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، فَكَذَلِكَ الْأَهْلِيُّ إذَا تَوَحَّشَ يُعْتَبَرُ بِحَالِهِ. وَبِهَذَا فَارَقَ مَا ذَكَرُوهُ، فَإِذَا تَرَدَّى فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَذْكِيَتِهِ، فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْ تَذْكِيَتِهِ، فَأَشْبَهَ الْوَحْشِيَّ، فَأَمَّا إنْ كَانَ رَأْسُ الْمُتَرَدِّي فِي الْمَاءِ، لَمْ يُبَحْ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يُعِينُ عَلَى قَتْلِهِ، فَيَحْصُلُ قَتْلُهُ بِمُبِيحٍ وَحَاظِرٍ، فَيَحْرُمُ، كَمَا لَوْ جَرَحَهُ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ.

[مَسْأَلَةٌ ذَبَائِح الْمُسْلِم وَأَهْل الْكِتَاب وَمَا يَتَعَلَّق بِهِمَا]

(٧٧٤٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْمُسْلِمُ وَالْكِتَابِيُّ فِي كُلِّ مَا وَصَفْت سَوَاءٌ) يَعْنِي فِي الِاصْطِيَادِ وَالذَّبْحِ.

وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إبَاحَةِ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] . يَعْنِي ذَبَائِحَهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ. وَكَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ. وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ إبَاحَةَ صَيْدِهِمْ أَيْضًا.

قَالَ ذَلِكَ عَطَاءٌ، وَاللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا حَرَّمَ صَيْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا مَالِكًا، أَبَاحَ ذَبَائِحَهُمْ، وَحَرَّمَ صَيْدَهُمْ. وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ صَيْدَهُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ مَنْ حَلَّتْ ذَبِيحَتُهُ، حَلَّ صَيْدُهُ، كَالْمُسْلِمِ.

(٧٧٤٧) فَصْلٌ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَدْلِ وَالْفَاسِقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْأَقْلَفِ. وَعَنْ أَحْمَدَ مِثْلُهُ. وَالصَّحِيحُ إبَاحَتُهُ؛ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا أُبِيحَتْ ذَبِيحَةُ الْقَاذِفِ وَالزَّانِي وَشَارِبِ الْخَمْرِ، مَعَ تَحْقِيقِ فِسْقِهِ، وَذَبِيحَةُ النَّصْرَانِيِّ وَهُوَ كَافِرٌ أَقْلَفُ، فَالْمُسْلِمُ أَوْلَى.

[فَصْلٌ لَا فَرْقَ بَيْن الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ فِي إبَاحَةِ ذَبِيحَة الْكِتَابِيّ مِنْهُمْ]

فَصْلٌ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ، فِي إبَاحَةِ ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمْ، وَتَحْرِيمِ ذَبِيحَةِ مَنْ سِوَاهُ، وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى أَهْلِ الْحَرْبِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا، حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فِي الشَّحْمِ. قَالَ إِسْحَاقُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>