للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَحْمَدَ، مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَإِنَّ الْفَضْلَ بْنَ زِيَادٍ قَالَ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْ ذَبَحَ فِي الْقَفَا؟ قَالَ: عَامِدًا أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ؟ قُلْت: عَامِدًا. قَالَ: لَا تُؤْكَلُ، فَإِذَا كَانَ غَيْرَ عَامِدٍ، كَأَنْ الْتَوَى عَلَيْهِ، فَلَا بَأْسَ.

(٧٧٦٦) فَصْلٌ: فَإِنْ ذَبَحَهَا مِنْ قَفَاهَا اخْتِيَارًا، فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ. وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَحُكِيَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَالِكٍ، وَإِسْحَاقَ. قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: تُسَمَّى هَذِهِ الذَّبِيحَةُ الْقَفِينَةُ.

وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ بَقِيَتْ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ قَبْلَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ حَلَّتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالْحَرَكَةِ الْقَوِيَّةِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ إذَا أَتَى عَلَى مَا فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، أَحَلَّهُ، كَأَكِيلَةِ السَّبُعِ، وَالْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيحَةِ. وَلَوْ ضَرَبَ عُنُقَهَا بِالسَّيْفِ فَأَطَارَ رَأْسَهَا، حَلَّتْ بِذَلِكَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ رَأْسَ بَطَّةٍ أَوْ شَاةٍ بِالسَّيْفِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ الذَّبِيحَةَ، كَانَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ.

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ قَالَ: تِلْكَ ذَكَاةٌ وَحِيَّةٌ. وَأَفْتَى بِأَكْلِهَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ. وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِيهَا قَوْلَانِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ قَطْعُ مَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ مَعَ الذَّبْحِ، فَأُبِيحَ، كَمَا ذَكَرْنَا مَعَ قَوْلِ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ.

(٧٧٦٧) فَصْلٌ: فَإِنْ ذَبَحَهَا مِنْ قَفَاهَا، فَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَتْ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ قَبْلَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ أَوْ لَا؟ نَظَرْت؛ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ بَقَاءَ ذَلِكَ، لِحِدَّةِ الْآلَةِ، وَسُرْعَةِ الْقَتْلِ، فَالْأَوْلَى إبَاحَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا قُطِعَتْ عُنُقَهُ بِضَرْبَةِ السَّيْفِ، وَإِنْ كَانَتْ الْآلَةُ كَالَّةً، وَأَبْطَأَ قَطْعُهُ، وَطَالَ تَعْذِيبُهُ، لَمْ يُبَحْ؛ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي وُجُودِ مَا يُحِلُّهُ، فَيَحْرُمُ، كَمَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى الصَّيْدِ، فَوَجَدَ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ لَا يَعْرِفُهُ.

[مَسْأَلَةٌ ذَكَاتُهَا ذَكَاةُ جَنِينِهَا أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ]

(٧٧٦٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَذَكَاتُهَا ذَكَاةُ جَنِينِهَا، أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ) يَعْنِي إذَا خَرَجَ الْجَنِينُ مَيِّتًا مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ بَعْدَ ذَبْحِهَا، أَوْ وَجَدَهُ مَيِّتًا فِي بَطْنِهَا، أَوْ كَانَتْ حَرَكَتُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، فَهُوَ حَلَالٌ.

رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ. وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ إذَا أَشْعَرَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>