للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلَنَا، مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ: «مَا أَصَابَ مِنْهُ مِنْ ذِي حَاجَةٍ، غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا، فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا أَتَيْت عَلَى حَائِطِ بُسْتَانٍ فَنَادِ صَاحِبَ الْبُسْتَانِ ثَلَاثًا، فَإِنْ أَجَابَك، وَإِلَّا فَكُلْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُفْسِدَ» .

وَرَوَى سَعِيدٌ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ،. وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ، فَيَكُونُ إجْمَاعًا. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَبَى سَعْدٌ أَنْ يَأْكُلَ؟ قُلْنَا: امْتِنَاعُ سَعْدٍ مِنْ أَكْلِهِ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَتْرُكُ الْمُبَاحَ غِنًى عَنْهُ، أَوْ تَوَرُّعًا، أَوْ تَقَذُّرًا، كَتَرْكِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْلَ الضَّبِّ.

فَأَمَّا أَحَادِيثُهُمْ، فَهِيَ مَخْصُوصَةٌ بِمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ الْحَدِيثِ وَالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ كَانَتْ مَحُوطَةً، لَمْ يَجُزْ الدُّخُولُ إلَيْهَا؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنْ كَانَ عَلَيْهَا حَائِطٌ فَهُوَ حَرِيمٌ، فَلَا تَأْكُلْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا حَائِطٌ، فَلَا بَأْسَ. وَلِأَنَّ إحْرَازَهُ بِالْحَائِطِ يَدُلُّ عَلَى شُحِّ صَاحِبِهِ بِهِ، وَعَدَمِ الْمُسَامَحَةِ فِيهِ.

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إذَا كَانَ عَلَيْهِ نَاطُورٌ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَحُوطِ، فِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَيْهِ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا فِي الضَّرُورَةِ.

[فَصْلٌ الْأَكْلُ مِنْ زَرْعِ الْغَيْرِ]

(٧٨١٠) فَصْلٌ: وَعَنْ أَحْمَدَ فِي الْأَكْلِ مِنْ الزَّرْعِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا: قَالَ لَا: يَأْكُلُ، إنَّمَا رُخِّصَ فِي الثِّمَارِ، لَيْسَ الزَّرْعِ. وَقَالَ: مَا سَمِعْنَا فِي الزَّرْعِ أَنْ يُمَسَّ مِنْهُ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الثِّمَارَ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَكْلِ رَطْبَةً، وَالنُّفُوسُ تَتُوقُ إلَيْهَا، وَالزَّرْعُ بِخِلَافِهَا. وَالثَّانِيَةُ: قَالَ: يَأْكُلُ مِنْ الْفَرِيكِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَكْلِهِ رَطْبًا، أَشْبَهَ الثَّمَرَ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْبَاقِلَا، وَالْحِمَّصِ، وَشِبْهِهِ مِمَّا يُؤْكَلُ رَطْبًا.

فَأَمَّا الشَّعِيرُ، وَمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ: فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ. وَالْأَوْلَى فِي الثِّمَارِ وَغَيْرِهَا أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهَا إلَّا بِإِذْنٍ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّحْرِيمِ.

[فَصْلٌ حُكْمُ حَلْبِ لَبَنِ مَاشِيَةِ الْغَيْرِ]

(٧٨١١) فَصْلٌ: وَعَنْ أَحْمَدَ فِي حَلْبِ لَبَنِ الْمَاشِيَةِ رِوَايَتَانِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>