للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ ذَكَرَ مَنْ يُضَحِّي عَنْهُ فَحَسَنٌ؛ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ. قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا مِنْك وَلَك، تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ. وَكَرِهَ أَهْلُ الرَّأْي هَذَا. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.

[فَصْلٌ عَيَّنَ أُضْحِيَّة فَذَبَحَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ]

(٧٨٩٠) فَصْلٌ: وَإِنْ عَيَّنَ أُضْحِيَّةً، فَذَبَحَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَجْزَأَتْ عَنْ صَاحِبِهَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَابِحِهَا. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ مَالِكٌ: هِيَ شَاةُ لَحْمٍ، لِصَاحِبِهَا أَرْشُهَا، وَعَلَيْهِ بَدَلُهَا؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ عِبَادَةٌ، فَإِذَا فَعَلَهَا غَيْرُ صَاحِبِهَا عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ تَقَعْ الْمَوْقِعَ، كَالزَّكَاةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تُجْزِئُ عَنْ صَاحِبِهَا، وَلَهُ عَلَى ذَابِحِهَا أَرْشُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا صَحِيحَةً وَمَذْبُوحَةً؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ أَحَدُ مَقْصُودَيْ الْهَدْيِ، فَإِذَا فَعَلَهُ فَاعِلٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُضَحِّي، ضَمِنَهُ، كَتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ.

وَلَنَا، عَلَى مَالِكٍ، أَنَّهُ فِعْلٌ لَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، فَإِذَا فَعَلَهُ غَيْرُ الصَّاحِبِ أَجْزَأَ عَنْهُ، كَغَسْلِ ثَوْبِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ أَجْزَأَتْ عَنْ صَاحِبِهَا، وَوَقَعَتْ مَوْقِعَهَا، فَلَمْ يَضْمَنْ ذَابِحُهَا، كَمَا لَوْ كَانَ بِإِذْنٍ، وَلِأَنَّهُ إرَاقَةُ دَمٍ تَعَيَّنَ إرَاقَتُهُ لِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى، فَلَمْ يَضْمَنْ مُرِيقُهُ، كَقَاتِلِ الْمُرْتَدِّ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، وَلِأَنَّ الْأَرْشَ لَوْ وَجَبَ، فَإِنَّمَا يَجِبُ مَا بَيْنَ كَوْنِهَا مُسْتَحَقَّةَ الذَّبْحِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مُتَعَيِّنَةً لَهُ وَمَا بَيْنَ كَوْنِهَا مَذْبُوحَةً، وَلَا قِيمَةَ لِهَذِهِ الْحَيَاةِ، وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، فَتَعَذَّرَ وُجُودُ الْأَرْشِ وَوُجُوبُهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الْأَرْشُ لَمْ يَخْلُ إمَّا أَنْ يَجِبَ لِلْمُضَحِّي، أَوْ لِلْفُقَرَاءِ، لَا جَائِزٌ أَنْ يَجِبَ لِلْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَسْتَحِقُّونَهَا مَذْبُوحَةً، وَلَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ لَمْ يَجُزْ، وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَجِبَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَ شَيْءٍ مِنْهَا، كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، وَلِأَنَّهُمْ وَافَقُونَا فِي أَنَّ الْأَرْشَ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ، فَيَتَعَذَّرُ إيجَابُهُ، لِعَدَمِ مُسْتَحِقِّهِ.

[فَصْلٌ نَذْرَ أُضْحِيَّة فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ ذَبَحَهَا]

(٧٨٩١) فَصْلٌ: وَإِنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ ذَبَحَهَا، فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا. وَقَالَ الْقَاضِي: مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ مَنَعَ الْأَكْلَ مِنْهَا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَبَنَاهُ عَلَى الْهَدْيِ الْمَنْذُورِ. وَلَنَا، أَنَّ النَّذْرَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْهُودِ، وَالْمَعْهُودُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ ذَبْحُهَا، وَالْأَكْلُ مِنْهَا، وَالنَّذْرُ لَا يُغَيِّرُ مِنْ صِفَةِ الْمَنْذُورِ إلَّا الْإِيجَابَ، وَفَارَقَ الْهَدْيَ الْوَاجِبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ؛ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ، فَالْمَنْذُورُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ.

[فَصْلٌ لَا يُضَحِّي عَمَّا فِي الْبَطْنِ]

(٧٨٩٢) فَصْلٌ: وَلَا يُضَحِّي عَمَّا فِي الْبَطْنِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَلَا نَعْلَمُ مُخَالِفًا لَهُمْ. وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ، وَالْمُدَبَّرِ، وَالْمُكَاتَبِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، أَنْ يُضَحُّوا إلَّا بِإِذْنِ سَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، إلَّا الْمَكَاتِب، فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ، وَالْأُضْحِيَّةُ تَبَرُّعٌ. وَأَمَّا مَنْ نِصْفُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>