للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِعْيَاءً. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: كَذَا قِيلَ، وَلَا أَحْسَبُ هَذَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ الَّتِي يُسَابَقُ عَلَيْهَا لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا، فَإِنْ كَانَتْ الَّتِي يَتَحَوَّلُ عَنْهَا، فَمَا حَصَلَ السَّبْقُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي يَتَحَوَّلُ إلَيْهَا، فَمَا حَصَلَتْ الْمُسَابَقَةُ بِهَا فِي جَمِيعِ الْحَلْبَةِ، وَمِنْ شَرْطِ السِّبَاقِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ هَذَا مَتَى احْتَاجَ إلَى التَّحَوُّلِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ، فَرُبَّمَا سُبِقَ بِاشْتِغَالِهِ، لَا سُرْعَةِ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ عَدْوِ الْفَرَسِ فِي الْحَلْبَةِ كُلِّهَا، فَمَتَى كَانَ إنَّمَا يَرْكَبُهُ فِي آخِرِ الْحَلْبَةِ، فَمَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ.

وَأَمَّا الْجَلَبُ، فَهُوَ أَنْ يَتْبَعَ الرَّجُلُ فَرَسَهُ، يَرْكُضُ خَلْفَهُ، وَيَجْلِبُ عَلَيْهِ، وَيَصِيحُ وَرَاءَهُ، يَسْتَحِثُّهُ بِذَلِكَ عَلَى الْعَدْوِ. هَكَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْجَلَبُ وَالْجَنَبُ فِي الرِّهَانِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ كَقَوْلِ مَالِكٍ. وَحُكِيَ عَنْهُ، أَنَّ مَعْنَى الْجَلَبِ أَنْ يَحْشُرَ السَّاعِي أَهْلَ الْمَاشِيَةِ لِيَصْدُقَهُمْ، قَالَ: فَلَا يَفْعَلْ، لِيَأْتِهِمْ عَلَى مِيَاهِهِمْ فَيَصْدُقَهُمْ. وَالتَّفْسِيرُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِمَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا جَلَبَ، وَلَا جَنَبَ فِي الرِّهَانِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي السِّبَاقِ وَفِي آخِرِهِ: «وَلَا جَلَبَ، وَلَا جَنَبَ، وَلَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ» . وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَجْلَبَ عَلَى الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ، فَلَيْسَ مِنَّا.»

<<  <  ج: ص:  >  >>