للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ شَأْنِ الصَّلَاةِ، ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَبِهَذَا كَانَ يَقُولُ مَالِكٌ زَعَمُوا. وَلَعَلَّ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ذَهَبَ إلَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكَلَّمَ وَسَأَلَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ: " أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ ثُمَّ بَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ. وَفِي الْجُمْلَةِ فَالْحُكْمُ فِي تَرْكِ رُكْنٍ مِنْ رَكْعَةٍ كَالْحُكْمِ فِي تَرْكِ الرَّكْعَةِ بِكَمَالِهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(٨٨٥) فَصْلٌ: وَتَخْتَصُّ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مِنْ بَيْنِ الْأَرْكَانِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَنْعَقِدُ بِتَرْكِهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» . وَلَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ بِدُونِهَا.

وَيَخْتَصُّ الْقِيَامُ بِسُقُوطِهِ فِي النَّوَافِلِ؛ لِأَنَّهُ يَطُولُ فَيَشُقُّ، فَسَقَطَ فِي النَّافِلَةِ، مُبَالَغَةً فِي تَكْثِيرِهَا، كَمَا سَقَطَ التَّوَجُّهُ فِيهَا فِي السَّفَرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، مُبَالَغَةً فِي تَكْثِيرِهَا. وَتَخْتَصُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ بِسُقُوطِهَا عَنْ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ إمَامِهِ لَهُ قِرَاءَةٌ. وَيَخْتَصُّ السَّلَامُ بِأَنَّهُ إذَا نَسِيَهُ أَتَى بِهِ خَاصَّةً.

[مَسْأَلَة سُجُود السَّهْو]

(٨٨٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ التَّكْبِيرِ - غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ -، أَوْ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ، أَوْ التَّسْبِيحِ فِي السُّجُودِ، أَوْ قَوْلِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، أَوْ قَوْلِ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، أَوْ رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي، أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، أَوْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ عَامِدًا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُ سَاهِيًا أَتَى بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ هَذَا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الْوَاجِبَاتِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ، وَفِي وُجُوبِهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَالْأُخْرَى، لَيْسَتْ وَاجِبَةً، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْجَبَ مِنْهَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَمَّهُ إلَى الْأَرْكَانِ.

وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى كَقَوْلِهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا الدَّلِيلَ عَلَى وُجُوبِهَا فِيمَا مَضَى، وَذَكَرْنَا حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّهُ لَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، وَيَضَعَ الْوُضُوءَ مَوَاضِعَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرَ وَيَحْمَدَ اللَّهَ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأَ بِمَا شَاءَ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَرْكَعَ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُولَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَسْجُدَ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَرْفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَسْجُدَ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَيُكَبِّرَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ: لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

<<  <  ج: ص:  >  >>