للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ.

وَرَوَى عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ، فِي رَجُلٍ وَجَدَ غُلَامَهُ عِنْدَ رَجُلٍ، فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ غُلَامُهُ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَهُ الْغُلَامُ: أَوْدَعَنِي هَذَا رَجُلٌ. فَقَالَ أَحْمَدُ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقْضُونَ عَلَى الْغَائِبِ، يَقُولُونَ: إنَّهُ لِهَذَا الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ.

وَهُوَ مَذْهَبٌ حَسَنٌ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَقْضُونَ عَلَى غَائِبٍ، يُسَمُّونَهُ الْإِعْذَارَ. وَهُوَ إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، فَاخْتَفَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، يُرْسَلُ إلَى بَابِهِ، فَيُنَادِي الرَّسُولُ ثَلَاثًا، فَإِنْ جَاءَ، وَإِلَّا قَدْ أَعْذَرُوا إلَيْهِ.

فَهَذَا يُقَوِّي قَوْلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ مَعْنَى حَسَنٌ. وَقَدْ ذَكَرَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ الْمُمْتَنِعِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ حُضُورُهُ وَسُؤَالُهُ، فَجَازَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ، كَالْغَائِبِ الْبَعِيدِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَعِيدَ مَعْذُورٌ، وَهَذَا لَا عُذْرَ لَهُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ شَيْئًا مِنْ هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>