للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو حَنِيفَةَ: لَا ضَمَانَ عَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالشَّرْطِ دُونَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْقَتْلِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ الزِّنَى. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ، كَالْمَذْهَبَيْنِ. وَلَنَا، أَنَّ قَتْلَهُ حَصَلَ بِمَجْمُوعِ الشَّهَادَتَيْنِ، فَتَجِبُ الْغَرَامَةُ عَلَى الْجَمِيعِ، كَمَا لَوْ شَهِدُوا جَمِيعُهُمْ بِالزِّنَى.

وَفِي كَيْفِيَّةِ الضَّمَانِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، كَشُهُودِ الزِّنَى؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ مِنْ جَمِيعِهِمْ. وَالثَّانِي، عَلَى شُهُودِ الزِّنَى النِّصْفُ، وَعَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُمْ حِزْبَانِ، فَلِكُلِّ حِزْبٍ نِصْفٌ. فَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى وَاثْنَانِ مِنْهُمْ بِالْإِحْصَانِ، ثُمَّ رَجَعُوا، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، عَلَى شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ الثُّلُثَانِ، وَعَلَى الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ عَلَى شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ الثُّلُثَ، لَشَهَادَتِهِمَا بِهِ، وَالثُّلُثَ لَشَهَادَتِهِمَا بِالزِّنَى، وَعَلَى الْآخَرَيْنِ الثُّلُثَ؛ لَشَهَادَتِهِمَا بِالزِّنَى وَحْدَهُ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، عَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا النِّصْفَ لَشَهَادَتِهِمَا بِالْإِحْصَانِ، وَنِصْفَ الْبَاقِي لَشَهَادَتِهِمَا بِالزِّنَى.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ إلَّا النِّصْفُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَنَى جِنَايَتَيْنِ، وَجَنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ جِنَايَةً وَاحِدَةً، فَكَانَتْ الدِّيَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، لَا عَلَى عَدَدِ جِنَايَاتِهِمْ، كَمَا لَوْ قَتَلَ اثْنَانِ وَاحِدًا، جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا جُرْحًا، وَالْآخَرُ جُرْحَيْنِ.

[فَصْل شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ عَلَى ضَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَتَانِ فَحُكْمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا]

(٨٤٦٥) فَصْلٌ: وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ عَلَى ضَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَتَانِ، فَحُكْمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا، رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَمَامُ الْقِيمَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى مِائَةٍ، وَنِصْفُ الْمُسَمَّى مِائَتَانِ، غَرِمَا لِلزَّوْجِ مِائَةً؛ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَاهَا بِشَهَادَتِهِمَا الْمَرْجُوعِ عَنْهَا.

[فَصْل شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ بِصَدَاقِ ذَكَرَاهُ وَشَهِدَ آخَرَانِ بِدُخُولِهِ بِهَا ثُمَّ رَجَعُوا]

(٨٤٦٦) فَصْلٌ: وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ، بِصَدَاقٍ ذَكَرَاهُ، وَشَهِدَ آخَرَانِ بِدُخُولِهِ بِهَا، ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِصَدَاقِهَا، فَعَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُمْ أَلْزَمُوهُ الْمُسَمَّى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِمْ النِّصْفُ، وَعَلَى الْآخَرَيْنِ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُمَا قَرَّرَاهُ، وَشَاهِدَا النِّكَاحِ أَوْجَبَاهُ، فَقُسِمَ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَاعًا. وَإِنْ شَهِدَ مَعَ هَذَا شَاهِدَانِ بِالطَّلَاقِ، لَمْ يَلْزَمْهُمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ شَيْئًا يَدَّعِيه، وَلَا أَوْجَبَا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَاجِبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>