للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّجُودَ، سَجَدَ الْمَسْبُوقُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْإِمَامِ مَا يَكْمُلُ بِهِ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ.

وَإِذَا سَهَا الْمَأْمُومُ فِيمَا تَفَرَّدَ فِيهِ بِالْقَضَاءِ، سَجَدَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُنْفَرِدًا، فَلَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ الْإِمَامُ وَهَكَذَا لَوْ سَهَا، فَسَلَّمَ مَعَ إمَامِهِ، قَامَ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ، ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، كَالْمُنْفَرِدِ، سَوَاءً

[فَصْلٌ غَيْر الْمَسْبُوق إذَا سَهَا إمَامه فَلَمْ يَسْجُد فَهَلْ يَسْجُد الْمَأْمُوم]

(٩٢٩) فَصْلٌ: فَأَمَّا غَيْرُ الْمَسْبُوقِ إذَا سَهَا إمَامُهُ فَلَمْ يَسْجُدْ، فَهَلْ يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، يَسْجُدُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ وَقَتَادَةَ وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهِيَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ نَقَصَتْ بِسَهْوِ الْإِمَامِ، وَلَمْ تَنْجَبِرْ بِسُجُودِهِ، فَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ جَبْرُهَا. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَسْجُدُ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالْقَاسِمِ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ إنَّمَا يَسْجُدُ تَبَعًا، فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ لَمْ يُوجَدْ الْمُقْتَضِي لِسُجُودِ الْمَأْمُومِ.

وَهَذَا إذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ لِعُذْرٍ، فَإِنْ تَرَكَهُ قَبْلَ السَّلَامِ عَمْدًا، وَكَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ لَا يَرَى أَنَّ السُّجُودَ وَاجِبٌ، فَهُوَ كَتَارِكِهِ سَهْوًا. وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا فِي الصَّلَاةِ عَمْدًا فَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ، كَتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. وَالثَّانِي: لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا السَّلَامُ

[فَصْلٌ قَامَ الْمَأْمُومُ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ فَسَجَدَ إمَامُهُ بَعْدَ السَّلَام]

(٩٣٠) فَصْلٌ: إذَا قَامَ الْمَأْمُومُ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ، فَسَجَدَ إمَامُهُ بَعْدَ السَّلَامِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَائِمِ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ؛ إنْ سَجَدَ إمَامُهُ قَبْلَ انْتِصَابِهِ قَائِمًا لَزِمَهُ الرُّجُوعُ، وَإِنْ انْتَصَبَ قَائِمًا وَلَمْ يَشْرَعْ فِي الْقِرَاءَةِ، لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ رَجَعَ جَازَ وَإِنْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ قَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: رَجُلٌ أَدْرَكَ بَعْضَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا قَامَ لِيَقْضِيَ، إذَا عَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ سَهْوٍ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ عَمِلَ فِي قِيَامِهِ، وَابْتَدَأَ فِي الْقِرَاءَةِ، مَضَى، ثُمَّ سَجَدَ. قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا؟ قَالَ: يَرْجِعُ مَا لَمْ يَعْمَلْ. قِيلَ لَهُ: قَدْ اسْتَتَمَّ قَائِمًا؟ فَقَالَ: إذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا، وَأَخَذَ فِي عَمَلِ الْقَضَاءِ، سَجَدَ بَعْدَمَا يَقْضِي. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْ وَاجِبٍ إلَى رُكْنٍ أَشْبَهَ الْقِيَامَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ فِيهِ رِوَايَاتٍ ثَلَاثًا. وَهَذَا أَوْلَى، وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ بِمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>