للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: إنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعُقُودِ. يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ فِي ذِمَّتِهِ. وَنَحْوُ هَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، فَإِنَّهُمَا قَالَا: الشِّرَاءُ وَالْعِتْقُ جَائِزَانِ، وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي مِثْلَ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ بَاطِلَانِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَيُعَاقَبُ مَنْ فَعَلَهُ، مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ أَيْضًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَقْتَضِي التَّفْرِيقَ، وَفِيهِ تَوَسُّطٌ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ فَكَانَ أَوْلَى، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْل كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَعْطَى الْعَبْدُ أَحَدَهُمَا خَمْسِينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَعْتِقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَأَعْتَقَهُ]

. (٨٦٥١) فَصْلٌ: وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، فَأَعْطَى الْعَبْدُ أَحَدَهُمَا خَمْسِينَ دِينَارًا، عَلَى أَنْ يُعْتِقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ، فَأَعْتَقَهُ، عَتَقَ، وَسَرَى إلَى بَاقِيه إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَرَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِنِصْفِ الْخَمْسِينَ، وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ سَيِّدَيْهِ، لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا، إلَّا أَنَّ نَصِيبَ الْمُعْتِقِ يَنْفُذُ فِيهِ الْعِتْقُ، وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مُسْتَحَقًّا، إذْ لَمْ يَقَعْ الْعِتْقُ عَلَى عَيْنِهَا، وَإِنَّمَا سَمَّى خَمْسِينَ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَيْهِ. وَإِنْ أَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَى عَيْنِهَا، يَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ مَا أَعْتَقَهُ بِالْعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ، وَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ.

[فَصْل وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ نَصِيبِي حُرٌّ]

. (٨٦٥٢) فَصْلٌ: وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ، فَقَالَ الْوَكِيلُ: نَصِيبِي حُرٌّ. عَتَقَ، وَسَرَى إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، يَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ. وَإِنْ أَعْتَقَ نَصِيبَ الْمُوَكَّلِ، عَتَقَ، وَسَرَى إلَى نَصِيبِهِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُوَكَّلِ. وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ الْعَبْدِ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا، احْتَمَلَ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَى نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَنَصِيبُ شَرِيكِهِ يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، وَلَمْ يَنْوِ ذَلِكَ. وَاحْتَمَلَ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْإِعْتَاقِ، فَانْصَرَفَ إلَى مَا أَمَرَ بِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا، فَانْصَرَفَ إلَيْهِمَا، وَأَيُّهُمَا حَكَمْنَا بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ، ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَضْمَنَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، فَسَرَى إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، لَمْ يَضْمَنْهُ، لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْعِتْقِ، وَقَدْ أَعْتَقَ بِالسِّرَايَةِ، فَلَمْ يَضْمَنْ، كَمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي إتْلَافِ شَيْءٍ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ وَإِنْ أَتْلَفَهُ بِالسِّرَايَةِ.

وَإِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ، لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِسَبَبِ الْإِتْلَافِ، فَلَمْ يَجِبْ لَهُ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ: أَعْتِقْ عَبْدَك. فَأَعْتَقَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>