للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ الْمُنْفَصِل مِنْ غَسَّالَة النَّجَاسَة يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَة أَقْسَام]

(١٠٠٢) فَصْلٌ: وَالْمُنْفَصِلُ مِنْ غُسَالَةِ النَّجَاسَةِ، يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَنْفَصِلَ مُتَغَيِّرًا بِهَا، فَهُوَ نَجِسٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ مُتَغَيِّرٌ بِالنَّجَاسَةِ، فَكَانَ نَجِسًا، كَمَا لَوْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ. الثَّانِي: أَنْ يَنْفَصِلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ قَبْلَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ، فَهُوَ نَجِسٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ يَسِيرٌ لَاقَى نَجَاسَةً لَمْ يُطَهِّرْهَا، فَكَانَ نَجِسًا، كَالْمُتَغَيِّرِ، وَكَالْبَاقِي فِي الْمَحَلِّ، فَإِنَّ الْبَاقِيَ فِي الْمَحَلِّ نَجِسٌ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي غُسِلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ، وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي الْمَحَلِّ نَجِسًا، وَعَصْرُهُ لَا يَجْعَلُهُ طَاهِرًا. الثَّالِثُ: أَنْ يَنْفَصِلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ مِنْ الْغَسْلَةِ الَّتِي طَهَّرَتْ الْمَحَلَّ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ طَاهِرٌ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمُتَّصِلِ، وَالْمُتَّصِلُ طَاهِرٌ، فَكَذَلِكَ الْمُنْفَصِلُ، وَلِأَنَّهُ مَاءٌ أَزَالَ حُكْمَ النَّجَاسَةِ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِهَا، فَكَانَ طَاهِرًا، كَالْمُنْفَصِلِ مِنْ الْأَرْضِ.

وَالثَّانِي، هُوَ نَجِسٌ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ يَسِيرٌ لَاقَى نَجَاسَةً، فَنَجُسَ بِهَا، كَمَا لَوْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهِ، فَهَلْ يَكُونُ طَهُورًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا، يَكُونُ طَهُورًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهُورِيَّتُهُ، وَلِأَنَّ الْحَادِثَ فِيهِ لَمْ يُنَجِّسْهُ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ، فَلَمْ تَزُلْ طَهُورِيَّتُهُ، كَمَا لَوْ غَسَلَ بِهِ ثَوْبًا طَاهِرًا.

وَالثَّانِي، أَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ، لِأَنَّهُ أَزَالَ مَانِعًا مِنْ الصَّلَاةِ، أَشْبَهَ مَا رُفِعَ بِهِ الْحَدَثُ. (١٠٠٣) فَصْلٌ: إذَا جُمِعَ الْمَاءُ الَّذِي أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ قَبْلَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ وَبَعْدَهُ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، فَالْجَمِيعُ نَجِسٌ، تَغَيَّرَ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: هُوَ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِهَا، فَأَشْبَهَ مَاءَ الْغَسْلَةِ الَّتِي طَهَّرَتْ الْمَحَلَّ. وَلَنَا، أَنَّهُ اجْتَمَعَ الْمَاءُ النَّجِسُ وَالطَّاهِرُ وَهُوَ يَسِيرٌ، فَكَانَ نَجِسًا، كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ مَعَ مَاءٍ غَيْرِ الَّذِي غَسَلَ الْمَحَلَّ.

[مَسْأَلَة إذَا نَسِيَ فَصَلَّى بِهِمْ جُنُبًا]

(١٠٠٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا نَسِيَ فَصَلَّى بِهِمْ جُنُبًا، أَعَادَ وَحْدَهُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ مُحْدِثًا، أَوْ جُنُبًا، غَيْرَ عَالِمٍ بِحَدَثِهِ، فَلَمْ يَعْلَمْ هُوَ وَلَا الْمَأْمُومُونَ، حَتَّى فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ، فَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ، وَصَلَاةُ الْإِمَامِ بَاطِلَةٌ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ.

وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ مُحْدِثًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>