للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل إنَّ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى هَيْئَةِ الرَّاكِعِ]

(١٠٦٦) فَصْلٌ: وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ، إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى هَيْئَةِ الرَّاكِعِ كَالْأَحْدَبِ، أَوْ مَنْ هُوَ فِي بَيْتٍ قَصِيرِ السَّقْفِ، لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، أَوْ فِي سَفِينَةٍ، أَوْ خَائِفٍ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُعْلَمَ بِهِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ لِحَدَبٍ أَوْ كِبَرٍ، لَزِمَهُ قِيَامُ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ، احْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ الْقِيَامُ، قِيَاسًا عَلَى الْأَحْدَبِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ، فَإِنَّ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَالَ فِي الَّذِي فِي السَّفِينَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا، لِقِصَرِ سَمَاءِ السَّفِينَةِ: يُصَلِّي قَاعِدًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا. فَيُقَاسُ عَلَيْهِ سَائِرُ مَا فِي مَعْنَاهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا» وَهَذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْقِيَامَ.

[فَصْل قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَعَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ]

(١٠٦٧) فَصْلٌ: وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ، وَعَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقِيَامُ، وَيُصَلِّي قَائِمًا، فَيُومِئُ بِالرُّكُوعِ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُومِئُ بِالسُّجُودِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْقُطُ الْقِيَامُ. وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَا رُكُوعَ فِيهَا وَلَا سُجُودَ، فَسَقَطَ فِيهَا الْقِيَامُ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] . وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلِّ قَائِمًا» . وَلِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ قَدَرَ عَلَيْهِ، فَلَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ، كَالْقِرَاءَةِ، وَالْعَجْزُ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَقْتَضِي سُقُوطَهُ، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ، وَقِيَاسُهُمْ فَاسِدٌ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا، أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الرَّاحِلَةِ لَا يَسْقُطُ فِيهَا الرُّكُوعُ. وَالثَّانِي، أَنَّ النَّافِلَةَ لَا يَجِبُ فِيهَا الْقِيَامُ، فَمَا سَقَطَ عَلَى الرَّاحِلَةِ لِسُقُوطِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ.

[فَصْلٌ قَدَرَ الْمَرِيضُ عَلَى الصَّلَاةِ وَحْدَهُ قَائِمًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْإِمَامِ]

(١٠٦٨) فَصْلٌ: وَإِنْ قَدَرَ الْمَرِيضُ عَلَى الصَّلَاةِ وَحْدَهُ قَائِمًا، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْإِمَامِ لِتَطْوِيلِهِ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْقِيَامُ وَيُصَلِّيَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ آكَدُ لِكَوْنِهِ رُكْنًا فِي الصَّلَاةِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِهِ، وَالْجَمَاعَةُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا، وَاحْتَمَلَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، لِأَنَّنَا أَبَحْنَا لَهُ تَرْكَ الْقِيَامِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، مَعَ إمَامِ الْحَيِّ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ، مُرَاعَاةً لِلْجَمَاعَةِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْعَجْزَ يَتَضَاعَفُ بِالْجَمَاعَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَضَاعُفِهِ بِالْقِيَامِ، بِدَلِيلِ أَنَّ «صَلَاةَ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» . وَ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» . وَهَذَا أَحْسَنُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

[مَسْأَلَة عَجَزَ عَنْ الصَّلَاةِ قَاعِدًا]

(١٠٦٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ لَمْ يُطِقْ جَالِسًا فَنَائِمًا) يَعْنِي مُضْطَجِعًا، سَمَّاهُ نَائِمًا لِأَنَّهُ فِي هَيْئَةِ النَّائِمِ، وَقَدْ جَاءَ مِثْلُ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>