للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعَلَ فَصَّ خَاتَمَهُ جَوْهَرَةً ثَمِينَةً جَازَ، وَخَاتَمُ الذَّهَبِ حَرَامٌ، وَلَوْ جَعَلَ فَصَّهُ ذَهَبًا كَانَ حَرَامًا، وَإِنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ.

[مَسْأَلَة صُوفُ الْمَيْتَةِ وَشَعْرُهَا]

(٩٢) مَسْأَلَةٌ، قَالَ: (وَصُوفُ الْمَيْتَةِ وَشَعْرُهَا طَاهِرٌ) يَعْنِي شَعْرَ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي حَيَاتِهِ وَصُوفَهُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَأَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالُوا: إذَا غُسِلَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَنْمُو مِنْ الْحَيَوَانِ، فَيَنْجُسُ بِمَوْتِهِ، كَأَعْضَائِهِ.

وَلَنَا: مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِمَسْكِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَ، وَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا إذَا غُسِلَ.» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ: لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا يُوسُفُ بْنُ السَّفْرِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَفْتَقِرُ طَهَارَةٌ مُنْفَصِلَةٌ إلَى ذَكَاةِ أَصْلِهِ، فَلَمْ يَنْجُسْ بِمَوْتِهِ، كَأَجْزَاءِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَحُلُّهُ الْمَوْتُ فَلَمْ يَنْجُسُ بِمَوْتِ الْحَيَوَانِ، كَبَيْضِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِ، أَنَّهُ لَا يُحِسُّ وَلَا يَأْلَمُ، وَهُمَا دَلِيلَا الْحَيَاةِ، وَلَوْ انْفَصَلَ فِي الْحَيَاةِ كَانَ طَاهِرًا، وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ لَنَجِسَ بِفَصْلِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ، وَمَا ذَكَرُوهُ يُنْتَقَضُ بِالْبَيْضِ، وَيُفَارِقُ الْأَعْضَاءَ، فَإِنَّ فِيهَا حَيَاةً، وَتَنْجُسُ بِفَصْلِهَا فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ، وَالنُّمُوُّ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ بِدَلِيلِ الْحَيَاةِ، فَإِنَّ الْحَشِيشَ يَنْمُو، وَلَا يَنْجُسُ.

(٩٣) فَصْلٌ: وَالرِّيشُ كَالشَّعْرِ فِيمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، فَأَمَّا أُصُولُ الرِّيشِ، وَالشَّعْرِ، إذَا كَانَ رَطْبًا إذَا نُتِفَ مِنْ الْمَيْتَةِ، فَهُوَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ رَطْبٌ فِي مَحَلٍّ نَجِسٍ، وَهَلْ يَكُونُ طَاهِرًا بَعْدَ غَسْلِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّهُ طَاهِرٌ، كَرُءُوسِ الشَّعْرِ إذَا تَنَجَّسَ. وَالثَّانِي أَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ اللَّحْمِ لَمْ يُسْتَكْمَلْ شَعْرًا وَلَا رِيشًا.

[فَصْل شَعْرُ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ مُتَّصِلُهُ وَمُنْفَصِلُهُ]

فَصْلٌ: (٩٤) وَشَعْرُ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ مُتَّصِلُهُ وَمُنْفَصِلُهُ، فِي حَيَاةِ الْآدَمِيِّ وَبَعْدَ مَوْتِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: إذَا انْفَصَلَ فَهُوَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْآدَمِيِّ انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهِ، فَكَانَ نَجِسًا كَعُضْوِهِ. وَلَنَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ شَعْرَهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، قَالَ أَنَسٌ: «لَمَّا رَمَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحَرَ نُسُكَهُ، نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ، فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ، فَقَالَ: احْلِقْهُ، فَحَلَقَهُ وَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ: اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد.

وَرُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ نَصِيبُهُ مِنْهُ فِي فِيهِ إذَا مَاتَ، وَكَانَتْ فِي قَلَنْسُوَةِ خَالِدٍ شَعَرَاتٌ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>