للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ اُجْتُمِعَ صَلَاتَانِ كَالْكُسُوفِ مَعَ غَيْره]

فَصْلٌ: وَإِذَا اجْتَمَعَ صَلَاتَانِ، كَالْكُسُوفِ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ، أَوْ الْعِيدِ، أَوْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، أَوْ الْوِتْرِ، بَدَأَ بِأَخْوَفِهِمَا فَوْتًا، فَإِنْ خِيفَ فَوْتُهُمَا بَدَأَ بِالصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا وَاجِبَةٌ كَالْكُسُوفِ وَالْوِتْرِ أَوْ التَّرَاوِيحِ، بَدَأَ بِآكَدِهِمَا، كَالْكُسُوفِ وَالْوِتْرِ، بَدَأَ بِالْكُسُوفِ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ، وَلِهَذَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ، وَلِأَنَّ الْوِتْرَ يُقْضَى، وَصَلَاةُ الْكُسُوفِ لَا تُقْضَى. فَإِنْ اجْتَمَعَتْ التَّرَاوِيحُ وَالْكُسُوفُ، فَبِأَيِّهِمَا يُبْدَأُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا.

وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْوَاجِبَةَ الَّتِي تُصَلَّى فِي الْجَمَاعَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْكُسُوفِ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْكُسُوفِ عَلَيْهَا يُفْضِي إلَى الْمَشَقَّةِ، لِإِلْزَامِ الْحَاضِرِينَ بِفِعْلِهَا مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِمْ، وَانْتِظَارِهِمْ لِلصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ، مَعَ أَنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ. وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَخْفِيفِ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ، كِير لَا يَشُقَّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، فَإِلْحَاقُ الْمَشَقَّةِ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ الطَّوِيلَةِ الشَّاقَّةِ، مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ، أَوْلَى.

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ التَّرَاوِيحِ، قُدِّمَتْ التَّرَاوِيحُ لِذَلِكَ، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ مَعَ الْوِتْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْوِتْرِ، قُدِّمَتْ لِأَنَّ الْوِتْرَ لَا يَفُوتُ، وَإِنْ خِيفَ فَوَاتُ الْوِتْرِ قُدِّمَ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ يُمْكِنُ فِعْلُهُ وَإِدْرَاكُ وَقْتِ الْكُسُوفِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا قَدْرُ الْوِتْرِ، فَلَا حَاجَةَ بِالتَّلَبُّسِ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَقَعُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ. وَإِنْ اجْتَمَعَ الْكُسُوفُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ، قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ يُخَافُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْل أَدْرَكَ الْمَأْمُوم الْإِمَام فِي الرُّكُوع الثَّانِي فِي صَلَاة الْكُسُوف]

(١٤٧١) فَصْلٌ: إذَا أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي، احْتَمَلَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ. قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ رُكُوعٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ فَاتَهُ الرُّكُوعُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ صَلَاتَهُ تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ هَذِهِ الصَّلَاةَ بِرُكُوعٍ وَاحِدٍ، فَاجْتُزِئَ بِهِ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا كَانَ الْكُسُوف فِي غَيْر وَقْت الصَّلَاة]

(١٤٧٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا كَانَ الْكُسُوفُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، جَعَلَ مَكَانَ الصَّلَاةِ تَسْبِيحًا، هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، لِأَنَّ النَّافِلَةَ لَا تُفْعَلُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ، سَوَاءٌ كَانَ لَهَا سَبَبٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي هَذَا. وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.

قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ الْكُسُوفِ يَكُونُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، كَيْفَ يَصْنَعُونَ؟ قَالَ: يَذْكُرُونَ اللَّهَ، وَلَا يُصَلُّونَ إلَّا فِي وَقْتِ صَلَاةٍ. قِيلَ لَهُ: وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْفَجْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَا يُصَلُّونَ. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَنَحْنُ بِمَكَّةَ، فَقَامُوا قِيَامًا يَدْعُونَ، فَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ عَطَاءً، قَالَ: هَكَذَا يَصْنَعُونَ، فَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ الزُّهْرِيَّ، قَالَ: هَكَذَا يَصْنَعُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>