للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْغَسْلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّخْلِيلَ، وَأَكْثَرُ مَنْ حَكَى وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْكِهِ.

وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا أَخَلَّ بِهِ فِي وُضُوءٍ، وَلَوْ فَعَلَهُ فِي كُلِّ وُضُوءٍ لَنَقَلَهُ كُلُّ مَنْ حَكَى وُضُوءَهُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ، وَتَرْكُهُ لِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَسْلَ مَا تَحْتَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كَثِيفَ اللِّحْيَةِ فَلَا يَبْلُغُ الْمَاءُ مَا تَحْتَ شَعْرِهَا بِدُونِ التَّخْلِيلِ وَالْمُبَالَغَةِ، وَفِعْلُهُ لِلتَّخْلِيلِ فِي بَعْضِ أَحْيَانِهِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(١٣٥) فَصْلٌ: قَالَ يَعْقُوبُ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ التَّخْلِيلِ؟ فَأَرَانِي مِنْ تَحْتِ لِحْيَتِهِ، فَخَلَّلَ بِالْأَصَابِعِ. وَقَالَ حَنْبَلُ: مِنْ تَحْتِ ذَقَنِهِ مِنْ أَسْفَلِ الذَّقَنِ، يُخَلِّلُ جَانِبَيْ لِحْيَتِهِ جَمِيعًا بِالْمَاءِ، وَيَمْسَحُ جَانِبَيْهَا وَبَاطِنَهَا. وَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ: قَالَ أَحْمَدُ إنْ شَاءَ خَلَّلَهَا مَعَ وَجْهِهِ، وَإِنْ شَاءَ إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَعَهَّدَ بَقِيَّةَ شُعُورِ وَجْهِهِ وَيَمْسَحَ مَآقِيهِ؛ لِيَزُولَ مَا بِهِمَا مِنْ كُحْلٍ أَوْ غَمَصٍ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُ «ذَكَرَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: كَانَ يَمْسَحُ الْمَأْقَيْنِ.»

[مَسْأَلَة أَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لِلْأُذُنَيْنِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا]

(١٣٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَأَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لِلْأُذُنَيْنِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا الْمُسْتَحَبُّ: أَنْ يَأْخُذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً جَدِيدًا. قَالَ أَحْمَدُ: أَنَا أَسْتَحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً جَدِيدًا، كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْخُذُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً جَدِيدًا. وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هَذَا الَّذِي قَالُوهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْأَخْبَارِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو أُمَامَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» . رَوَاهُنَّ ابْنُ مَاجَهْ، وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ، وَالْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.» رَوَاهُنَّ أَبُو دَاوُد.

وَلَنَا أَنَّ إفْرَادَهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ إلَى أَنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا مِنْ الْوَجْهِ وَظَاهِرُهُمَا مِنْ الرَّأْسِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: لَيْسَا مِنْ الْوَجْهِ وَلَا مِنْ الرَّأْسِ. فَفِي إفْرَادِهِمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ خُرُوجٌ مِنْ بَعْضِ الْخِلَافِ، فَكَانَ أَوْلَى. وَإِنْ مَسَحَهُمَا بِمَاءِ الرَّأْسِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>