للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ الرِّفْق بِالْمَيِّتِ فِي تَقْلِيبه وَعْرك أَعْضَائِهِ]

(١٥٠٨) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيَسْتَعْمِلُ فِي كُلِّ أُمُورِهِ الرِّفْقَ بِهِ) وَيُسْتَحَبُّ الرِّفْقُ بِالْمَيِّتِ فِي تَقْلِيبِهِ، وَعَرْكِ أَعْضَائِهِ، وَعَصْرِ بَطْنِهِ، وَتَلْيِينِ مَفَاصِلِهِ، وَسَائِرِ أُمُورِهِ، احْتِرَامًا لَهُ؛ فَإِنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالْحَيِّ فِي حُرْمَتِهِ، وَلَا يَأْمَنُ إنْ عَنُفَ بِهِ أَنْ يَنْفَصِلَ مِنْهُ عُضْوٌ، فَيَكُونَ مُثْلَةً بِهِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ» . وَقَالَ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ» .

[مَسْأَلَةٌ الْمَاء الْحَارّ وَالْأُشْنَان وَالْخِلَال يَسْتَعْمِل إنَّ اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي غَسَلَ الْمَيِّت]

(١٥٠٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ (وَالْمَاءُ الْحَارُّ وَالْأُشْنَانُ، وَالْخِلَالُ، يُسْتَعْمَلُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، مِثْلُ أَنْ يُحْتَاجَ إلَى الْمَاءِ الْحَارِّ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ، أَوْ لَوَسَخٍ لَا يَزُولُ إلَّا بِهِ، وَكَذَا الْأُشْنَانُ يُسْتَعْمَلُ إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ وَسَخٌ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا طَالَ ضَنَى الْمَرِيضِ غُسِّلَ بِالْأُشْنَانِ. يَعْنِي أَنَّهُ يَكْثُرُ وَسَخُهُ، فَيَحْتَاجُ إلَى الْأُشْنَانِ لِيُزِيلَهُ.

وَالْخِلَالُ: يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِخْرَاجِ شَيْءٍ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَجَرَةٍ لَيِّنَةٍ كَالصَّفْصَافِ وَنَحْوِهِ، مِمَّا يُنَقِّي وَلَا يَجْرَحُ، وَإِنْ لَفَّ عَلَى رَأْسِهِ قُطْنًا، فَحَسَنٌ. وَيَتَتَبَّعُ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ حَتَّى يُنَقِّيَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُسْتَحَبَّ اسْتِعْمَالُهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُسَخَّنُ أَوْلَى بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ يُنَقِّي مَا لَا يُنَقِّي الْبَارِدُ. وَلَنَا، أَنَّ الْبَارِدَ يُمْسِكُهُ وَالْمُسَخَّنَ يُرْخِيهِ، وَلِهَذَا يُطْرَحُ الْكَافُورُ فِي الْمَاءِ لِيَشُدَّهُ وَيُبَرِّدَهُ، وَالْإِنْقَاءُ يَحْصُلُ بِالسِّدْرِ إذَا لَمْ يَكْثُرْ وَسَخُهُ، فَإِنْ كَثُرَ وَلَمْ يَزُلْ إلَّا بِالْحَارِّ صَارَ مُسْتَحَبًّا.

[مَسْأَلَةٌ يَغْسِل الْمَيِّت الْمَرَّة الثَّالِثَة بِمَاءِ فِيهِ كَافُور وَسِدْر]

(١٥١٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيُغَسَّلُ الثَّالِثَةَ بِمَاءٍ فِيهِ كَافُورٌ وَسِدْرٌ، وَلَا يَكُونُ فِيهِ سِدْرٌ صِحَاحٌ) الْوَاجِبُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ أَصَابَتْهُ، فَكَانَ مَرَّةً وَاحِدَةً، كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغَسَّلَ ثَلَاثًا، كُلُّ غَسْلَةٍ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ، عَلَى مَا وَصَفْنَا، وَيُجْعَلَ فِي الْمَاءِ كَافُورٌ فِي الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ؛ لِيَشُدَّهُ وَيُبَرِّدَهُ وَيُطَيِّبَهُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ: «اغْسِلْنَهَا بِالسِّدْرِ وِتْرًا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ، وَاجْعَلْنَ فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ كَافُورًا» .

وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ: «فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ غَسْلَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ أَوْ غَيْرِهَا، فَاجْعَلِي مَاءً فِيهِ شَيْءٌ مِنْ كَافُورٍ، وَشَيْءٌ مِنْ سِدْرٍ، ثُمَّ اجْعَلِي ذَلِكَ فِي جَرَّةٍ جَدِيدَةٍ، ثُمَّ أَفْرِغِيهِ عَلَيْهَا، وَابْدَئِي بِرَأْسِهَا حَتَّى يَبْلُغَ رِجْلَيْهَا» . وَلَا يُجْعَلُ فِي الْمَاءِ سِدْرٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، لِأَنَّ السِّدْرَ إنَّمَا أُمِرَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>