للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ تَكْفِينَ الْمَرْأَة بِالْحَرِيرِ]

(١٥٣١) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ تُكَفَّنَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَرِيرِ. وَكَرِهَ ذَلِكَ الْحَسَنُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقُ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا أَحْفَظُ مِنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ. وَفِي جَوَازِ تَكْفِينِ الْمَرْأَةِ بِالْحَرِيرِ احْتِمَالَانِ؛ لِأَنَّ أَقْيَسَهُمَا الْجَوَازُ، لِأَنَّهُ مِنْ لِبَاسِهَا فِي حَيَاتِهَا، لَكِنْ كَرِهْنَاهُ لَهَا، لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلزِّينَةِ وَالشَّهْوَةِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ تَكْفِينُهَا بِالْمُعَصْفَرِ، وَنَحْوِهِ؛ لِذَلِكَ.

قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ فِي الثِّيَابِ الْمُصْبَغَةِ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ الْعَصْبِ، يَعْنِي مَا صُنِعَ بِالْعَصْبِ، وَهُوَ نَبْتٌ يَنْبُتُ بِالْيَمَنِ.

[مَسْأَلَةٌ يُضَفَّر شَعْر الْمَيِّتَة ثَلَاثَة قُرُون وَيَسْدُل مِنْ خَلْفهَا]

(١٥٣٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيُضَفَّرُ شَعْرُهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَيُسْدَلُ مِنْ خَلْفِهَا) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ شَعْرَ الْمَيِّتَةِ يُغْسَلُ، وَإِنْ كَانَ مَعْقُوصًا نُقِضَ، ثُمَّ غُسِلَ، ثُمَّ ضُفِّرَ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، قَرْنَيْهَا، وَنَاصِيَتَهَا، وَيُلْقَى مِنْ خَلْفِهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يُضَفَّرُ، وَلَكِنْ يُرْسَلُ مَعَ خَدَّيْهَا، مِنْ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ، ثُمَّ يُرْسَلُ عَلَيْهِ الْخِمَارُ؛ لِأَنَّ ضُفْرَهُ يَحْتَاجُ إلَى تَسْرِيحِهَا، فَيَنْقَطِعُ، شَعْرُهَا وَيُنْتَفُ. وَلَنَا، مَا رَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: «ضَفَّرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَأَلْقَيْنَاهُ خَلْفهَا. يَعْنِي بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ: فَضَفَّرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ؛ قَرْنَيْهَا، وَنَاصِيَتَهَا. وَلِلْبُخَارِيِّ: جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، نَقَضْنَهُ، ثُمَّ غَسَلْنَهُ، ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ. وَإِنَّمَا غَسَلْنَهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَعْلِيمِهِ.

وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَاضْفِرْنَ شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ؛ قُصَّةٍ، وَقَرْنَيْنِ، وَلَا تُشَبِّهْنَهَا بِالرِّجَالِ» . فَأَمَّا التَّسْرِيحُ فَكَرِهَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: عَلَامَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ؟ قَالَ: يَعْنِي لَا تُسَرِّحُوا رَأْسَهُ بِالْمُشْطِ. وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ شَعْرَهُ وَيَنْتِفُهُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: مَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا ضَفَّرْنَ. وَأَنْكَرَ الْمُشْطَ. فَكَأَنَّهُ تَأَوَّلَ قَوْلَهَا: مَشَطْنَاهَا. عَلَى أَنَّهَا أَرَادَتْ ضَفَّرْنَاهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الْإِسْرَاع بِالْجِنَازَةِ]

(١٥٣٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: " وَالْمَشْيُ بِالْجِنَازَةِ الْإِسْرَاعُ " لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ، - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، فِي اسْتِحْبَابِ الْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ، وَبِهِ وَرَدَ النَّصُّ، وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُنْ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا تَبِعَ الْجِنَازَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>