للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ الرُّكُوب فِي اتِّبَاع الْجَنَائِز]

(١٥٣٧) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ. قَالَ ثَوْبَانُ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جِنَازَةٍ، فَرَأَى نَاسًا رُكْبَانًا، فَقَالَ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ؟ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ، وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. فَإِنْ رَكِبَ فِي جِنَازَةٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ خَلْفَهَا، قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الرَّاكِبِ: لَا أَعْلَمُهُمْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ يَكُونُ خَلْفَهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، وَالْمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا، وَعَنْ يَمِينهَا وَعَنْ يَسَارِهَا، قَرِيبًا مِنْهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ، وَلَفْظُهُ: «الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا، وَالطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ» . وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَلِأَنَّ سَيْرَ الرَّاكِبِ أَمَامَهَا يُؤْذِي الْمُشَاةَ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ مَشْيِهِمْ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، فَأَمَّا الرُّكُوب فِي الرُّجُوعِ مِنْهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّبَعَ جِنَازَةَ ابْنِ الدَّحْدَاحِ مَاشِيًا، وَرَجَعَ عَلَى فَرَسٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

[فَصْلٌ رَفَعَ الصَّوْت عِنْد الْجِنَازَة]

(١٥٣٨) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجِنَازَةِ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُتْبَعَ الْجِنَازَةُ بِصَوْتٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رَوَيْنَا عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ؛ عِنْدَ ثَلَاثٍ؛ عِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ الذِّكْرِ، وَعِنْدَ الْقِتَالِ وَذَكَرَ الْحَسَنُ، عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ خَفْضَ الصَّوْتِ عِنْدَ ثَلَاثٍ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

وَكَرِهَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيّ، وَإِمَامُنَا وَإِسْحَاقُ، قَوْلَ الْقَائِلِ خَلْفَ الْجِنَازَةِ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ بِدْعَةٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ: مُحْدَثَةٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّب فِي مَرَضِهِ: إيَّايَ وَحَادِيهمْ، هَذَا الَّذِي يَحْدُو لَهُمْ، يَقُولُ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَكْم. وَقَالَ فُضَيْلٍ بْنُ عَمْرٍو: بَيْنَا ابْنُ عُمَرَ فِي جِنَازَةٍ، إذْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.

قَالَ أَحْمَدُ وَلَا يَقُولُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ: سَلِّمْ رَحِمَك اللَّهُ. فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ. وَلَكِنْ يَقُول: بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَيَذْكُرُ اللَّهَ إذَا تَنَاوَلَ السَّرِيرَ.

[فَصْلٌ مَسَّ الْجِنَازَة بِالْأَيْدِي وَالْأَكْمَام وَالْمَنَادِيل]

فَصْلٌ: وَمَسُّ الْجِنَازَةِ بِالْأَيْدِي وَالْأَكْمَامِ وَالْمَنَادِيلِ مُحْدَثٌ مَكْرُوهٌ، وَلَا يُؤْمَنُ مَعَهُ فَسَادُ الْمَيِّتِ، وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>