للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخْرِجُ مِنْهَا أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَخَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ، جَازَ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى تَشْقِيصٍ، كَزَكَاةِ الْمِائَتَيْنِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّشْقِيصِ. وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا: وَيَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ فِي الْكَفَّارَةِ. وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِالتَّشْقِيصِ فِي زَكَاةِ السَّائِمَةِ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ، وَلِذَلِكَ جَعَلَ لَهَا أَوْقَاصًا، دَفْعًا لِلتَّشْقِيصِ عَنْ الْوَاجِبِ فِيهَا، وَعَدَلَ فِيهَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ عَنْ إيجَابِ الْإِبِلِ إلَى إيجَابِ الْغَنَمِ، فَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِتَجْوِيزِهِ مَعَ إمْكَانِ الْعُدُولِ عَنْهُ إلَى إيجَابِ فَرِيضَةٍ كَامِلَةٍ.

وَإِنْ وَجَدَ أَحَدَ الْفَرْضَيْنِ كَامِلًا وَالْآخَرَ نَاقِصًا، لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِجُبْرَانٍ مَعَهُ، مِثْلُ أَنْ يَجِدَ فِي الْمِائَتَيْنِ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثَلَاثَ حِقَاقٍ، تَعَيَّنَ أَخْذُ الْفَرِيضَةِ الْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ بَدَلٌ يُشْتَرَطُ لَهُ عَدَمُ الْمُبْدَلِ. وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَحْتَاجُ إلَى جُبْرَانٍ، مِثْلُ أَنْ يَجِدَ أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثَلَاثَ حِقَاقٍ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ أَيَّهُمَا شَاءَ أَخْرَجَ مَعَ الْجُبْرَانِ، إنْ شَاءَ أَخْرَجَ بَنَاتِ اللَّبُونِ وَحِقَّةً وَأَخَذَ بِالْجُبْرَانِ، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ الْحِقَاقَ وَبِنْتَ اللَّبُونِ مَعَ جُبْرَانِهَا. فَإِنْ قَالَ: خُذُوا مِنِّي حِقَّةً وَثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ مَعَ الْجُبْرَانِ. لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يَعْدِلُ عَنْ الْفَرْضِ مَعَ وُجُودِهِ إلَى الْجُبْرَانِ.

وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجُبْرَانِ. وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا حِقَّةٌ وَأَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ، أَدَّاهَا وَأَخَذَ الْجُبْرَانَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَفْعُ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ مَعَ الْجُبْرَانِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَإِنْ كَانَ الْفَرْضَانِ مَعْدُومَيْنِ، أَوْ مَعِيبَيْنِ، فَلَهُ الْعُدُولُ عَنْهُمَا مَعَ الْجُبْرَانِ، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَرْبَعَ جَذَعَاتٍ وَأَخَذَ ثَمَانِيَ شِيَاهٍ أَوْ ثَمَانِينَ دِرْهَمًا، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ خَمْسَ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَمَعَهَا عَشْرُ شِيَاهٍ أَوْ مِائَةُ دِرْهَمٍ.

وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْقُلَ عَنْ الْحِقَاقِ إلَى بَنَاتِ الْمَخَاضِ، أَوْ عَنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ إلَى الْجِذَاعِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْحِقَاقَ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِنَّ فِي هَذَا الْمَالِ، فَلَا يَصْعَدُ إلَى الْحِقَاقِ بِجُبْرَانٍ، وَلَا يَنْزِلُ إلَى بَنَاتِ اللَّبُونِ بِجُبْرَانٍ.

[مَسْأَلَةُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِقَّةٌ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ]

(١٧٠٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِقَّةٌ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ، أُخِذَتْ مِنْهُ وَمَعَهَا شَاتَانِ أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، أُخِذَتْ مِنْهُ وَأُعْطِيَ الْجُبْرَانَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا) الْمَذْهَبُ فِي هَذَا أَنَّهُ مَتَى وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ سِنًّا أَعْلَى مِنْهَا، وَيَأْخُذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ سِنًّا أَنْزَلَ مِنْهَا وَمَعَهَا شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، إلَّا ابْنَةَ مَخَاضٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ أَنْزَلَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى سِنٍّ تَجِبُ فِي الزَّكَاةِ، أَوْ جَذَعَةً.

فَلَا يُخْرِجُ أَعْلَى مِنْهَا، إلَّا أَنْ يَرْضَى رَبُّ الْمَالِ بِإِخْرَاجِهَا لَا جُبْرَانَ مَعَهَا، فَتُقْبَلَ مِنْهُ. وَالِاخْتِيَارُ فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ، وَالشِّيَاهِ وَالدَّرَاهِمِ، إلَى رَبِّ الْمَالِ. وَبِهَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَاخْتَلَفَ فِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يُخْرِجُ شَاتَيْنِ أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ فِي الشَّرْعِ مُتَقَوِّمَةٌ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ، بِدَلِيلِ أَنَّ نِصَابَهَا أَرْبَعُونَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>