للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي سِيَاقِ قَوْلِهِ: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ} [الأنعام: ١٤١] . وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ ادِّخَارُ غَلَّتِهِ، أَشْبَهَ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ.

وَعَنْ أَحْمَدَ: لَا زَكَاةَ فِيهِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدَّخَرُ يَابِسًا، فَهُوَ كَالْخَضْرَاوَاتِ، وَالْآيَةُ لَمْ يُرَدْ بِهَا الزَّكَاةُ، لِأَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَالزَّكَاةُ إنَّمَا فُرِضَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَلِهَذَا ذُكِرَ الرُّمَّانُ وَلَا عُشْرَ فِيهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إذَا حَصَدَ زَرْعَهُ أَلْقَى لَهُمْ مِنْ السُّنْبُلِ، وَإِذَا جَذَّ نَخْلَهُ أَلْقَى لَهُمْ مِنْ الشَّمَارِيخِ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ، عَلَى أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا يَتَأَتَّى حَصَادُهُ، بِدَلِيلِ أَنَّ الرُّمَّانَ مَذْكُورٌ بَعْدَهُ، وَلَا زَكَاةَ فِيهِ اهـ.

[فَصْلُ الْحَكَم الثَّانِي لَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ]

(١٨٢٧) فَصْلٌ: الْحَكَمُ الثَّانِي، أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَمَكْحُولٌ، وَالْحَكَمُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ.

لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَهُمْ، إلَّا مُجَاهِدًا، وَأَبَا حَنِيفَةَ، وَمَنْ تَابَعَهُ، قَالُوا: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» . وَلِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ حَوْلٌ فَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ نِصَابٌ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَهَذَا خَاصٌّ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ، وَتَخْصِيصُ عُمُومِ مَا رَوَوْهُ بِهِ، كَمَا خَصَّصْنَا قَوْلَهُ: «فِي سَائِمَةِ الْإِبِلِ الزَّكَاةُ» بِقَوْلِهِ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» . وَقَوْلَهُ: «فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» بِقَوْلِهِ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ» . وَلِأَنَّهُ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، فَلَمْ تَجِبْ فِي يَسِيرِهِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الزَّكَائِيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّهُ يَكْمُلُ نَمَاؤُهُ بِاسْتِحْصَادِهِ لَا بِبَقَائِهِ، وَاعْتُبِرَ الْحَوْلُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِكَمَالِ النَّمَاءِ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَالنِّصَابُ اُعْتُبِرَ لِيَبْلُغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ مِنْهُ، فَلِهَذَا اُعْتُبِرَ فِيهِ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، بِمَا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَحْصُلُ الْغِنَى بِدُونِ النِّصَابِ، كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الزَّكَائِيَّةِ. اهـ.

[فَصْلُ تُعْتَبَرُ الْخَمْسَةُ أَوْسُقٍ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ فِي الْحُبُوبِ وَالْجَفَافِ فِي الثِّمَارِ]

(١٨٢٨) فَصْلٌ: وَتُعْتَبَرُ خَمْسَةُ الْأَوْسُقِ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ فِي الْحُبُوبِ، وَالْجَفَافِ فِي الثِّمَارِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ عَشَرَةُ أَوْسُقٍ عِنَبًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>