للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْخَرْصِ، وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ، فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَجْفِيفُ هَذَا الرُّطَبِ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَلِهَذَا قُلْنَا فِي مَنْ أَتْلَفَ أُضْحِيَّتَهُ الْمُتَعَيِّنَةَ: عَلَيْهِ أُضْحِيَّةٌ مَكَانَهَا. وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا. وَإِنْ تَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ مِنْ السَّمَاءِ، سَقَطَ عَنْهُمْ الْخَرْصُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ زَكَاتِهَا، وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ حَفِظَهَا إلَى وَقْتِ الْإِخْرَاجِ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَوْجُودِ لَا غَيْرُ، سَوَاءٌ اخْتَارَ الضَّمَانَ، أَوْ حَفِظَهَا عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا خَرَصَهُ الْخَارِصُ أَوْ أَقَلَّ.

وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ مَا قَالَ الْخَارِصُ، زَادَ أَوْ نَقَصَ، إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ مُتَقَارِبَةً؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ انْتَقَلَ إلَى مَا قَالَ السَّاعِي، بِدَلِيلِ وُجُوبِ مَا قَالَ عِنْدَ تَلَفِ الْمَالِ. وَلَنَا، أَنَّ الزَّكَاةَ أَمَانَةٌ، فَلَا تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِالشَّرْطِ كَالْوَدِيعَةِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ انْتَقَلَ إلَى مَا قَالَ السَّاعِي، وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ إذَا تَصَرَّفَ فِي الثَّمَرَةِ، وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إصَابَتُهُ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا خَرَصَ عَلَى الرَّجُلِ، فَإِذَا فِيهِ فَضْلٌ كَثِيرٌ، مِثْلُ الضَّعْفِ، تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُصُ بِالسَّوِيَّةِ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى مِثْلِ قَوْلِ مَالِكٍ. وَقَالَ: إذَا تَجَافَى السُّلْطَانُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْعُشْرِ، يُخْرِجُهُ فَيُؤَدِّيهِ.

وَقَالَ: إذَا حَطَّ مِنْ الْخَرْصِ عَنْ الْأَرْضِ، يَتَصَدَّقُ بِقَدْرِ مَا نَقَصُوهُ مِنْ الْخَرْصِ. وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ أَحْمَدُ: يُحْتَسَبُ لَهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ لِسَنَةٍ أُخْرَى وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد لَا يُحْتَسَبُ بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّ هَذَا غَاصِبٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا أَقُولُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، فَيُحْتَسَبُ بِهِ إذَا نَوَى صَاحِبُهُ بِهِ التَّعْجِيلَ، وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ.

[فَصْلُ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ غَلَطَ الْخَارِصِ]

فَصْلٌ وَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ غَلَطَ الْخَارِصِ وَكَانَ مَا ادَّعَاهُ مُحْتَمَلًا، قُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَمَلًا، مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ غَلَطَ النِّصْفِ وَنَحْوِهِ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ، فَيُعْلَمُ كَذِبُهُ. وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدَيَّ غَيْرُ هَذَا. قُبِلَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ بَعْضُهَا بِآفَةٍ لَا نَعْلَمُهَا.

[فَصْلُ عَلَى الْخَارِصِ أَنْ يَتْرُكَ فِي الْخَرْصِ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ]

(١٨٤٩) فَصْلٌ: وَعَلَى الْخَارِصِ أَنْ يَتْرُكَ فِي الْخَرْصِ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ، تَوْسِعَةً عَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>