للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا، أَنَّ كُلَّ عَشَرَةٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ. وَالثَّانِي، أَنَّهُ عَدْلٌ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. وَالثَّالِثُ، أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِرْهَمِهِ الَّذِي قَدَّرَ بِهِ الْمَقَادِيرَ الشَّرْعِيَّةَ. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التِّبْرِ وَالْمَضْرُوبِ.

وَمَتَى نَقَصَ النِّصَابُ عَنْ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ» . وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. بِغَيْرِ خِلَافٍ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ.

وَقَالَ غَيْرُ الْخِرَقِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنْ كَانَ النَّقْصُ يَسِيرًا، كَالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ، وَجَبَتْ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُضْبَطُ غَالِبًا، فَهُوَ كَنَقْصِ الْحَوْلِ سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ نَقْصًا بَيِّنًا، كَالدَّانَقِ وَالدَّانَقَيْنِ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ. وَعَنْ أَحْمَدَ. أَنَّ نِصَابَ الذَّهَبِ إذَا نَقَصَ ثُلُثَ مِثْقَالٍ زَكَّاهُ. وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسُفْيَانَ. وَإِنْ نَقَصَ نِصْفًا لَا زَكَاةَ فِيهِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إذَا نَقَصَ ثُمْنًا لَا زَكَاةَ فِيهِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا نَقَصَتْ نَقْصًا يَسِيرًا يَجُوزُ جَوَازَ الْوَازِنَةِ، وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، لِأَنَّهَا تَجُوزَ جَوَازَ الْوَازِنَةِ، أَشْبَهَتْ الْوَازِنَةَ. وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْدِلَ عَنْهُ. فَأَمَّا قَوْلُهُ: " إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ ذَهَبٌ أَوْ عُرُوضٌ لِلتِّجَارَةِ فَيُتِمُّ بِهِ ".

فَإِنَّ عُرُوضَ التِّجَارَةِ تُضَمُّ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَيَكْمُلُ بِهِ نِصَابُهُ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلَافًا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعْلَمُ عَامَّتَهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبْ فِي قِيمَتِهَا، فَتُقَوَّمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَتُضَمُّ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَلَوْ كَانَ لَهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَعُرُوضٌ، وَجَبَ ضَمُّ الْجَمِيعِ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ مَضْمُومٌ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَيَجِبُ ضَمُّهُمَا إلَيْهِ، وَجَمْعُ الثَّلَاثَةِ.

فَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَا لَا يَبْلُغُ نِصَابًا بِمُفْرَدِهِ، أَوْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ مِنْ الْآخَرِ، فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ عَنْ ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ، فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَجَمَاعَةٍ، وَقَطَعَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا. وَذَكَرَ الْخِرَقِيِّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ، إحْدَاهُمَا لَا يُضَمُّ.

وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَشَرِيكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ.» وَلِأَنَّهُمَا مَالَانِ يَخْتَلِفُ نِصَابُهُمَا، فَلَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ، كَأَجْنَاسِ الْمَاشِيَةِ، وَالثَّانِيَةُ، يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُضَمُّ إلَى مَا يُضَمُّ إلَيْهِ الْآخَرُ، فَيُضَمُّ إلَى الْآخَرِ.

كَأَنْوَاعِ الْجِنْسِ، وَلِأَنَّ نَفْعَهُمَا وَاحِدٌ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا مُتَّحِدٌ. فَإِنَّهُمَا قِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>