للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (٧٩) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٨٠) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨٢) }

ذَكَرَ تَعَالَى (١) قِصَّةَ السَّحَرَةِ مَعَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَقَدْ تَقَدَمَّ الْكَلَامُ عَلَيْهَا هُنَاكَ. وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَفِي سُورَةِ طه، وَفِي الشُّعَرَاءِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ فِرْعَوْنَ -لَعَنَهُ اللَّهُ -أَرَادَ أَنْ يَتَهَرَّج عَلَى النَّاسِ، وَيُعَارِضَ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مِنَ الْحَقِّ الْمُبِينِ، بِزَخَارِفِ (٢) السَّحَرَةِ وَالْمُشَعْبِذِينَ، فانعكَس عَلَيْهِ النِّظَامُ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ الْمَرَامُ، وَظَهَرَتِ (٣) الْبَرَاهِينُ الْإِلَهِيَّةُ فِي ذَلِكَ الْمَحْفِلِ الْعَامِّ، وَ {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الشُّعَرَاءِ: ٤٦ -٤٨] فَظَنَّ فِرْعَوْنُ أَنْ (٤) يَسْتَنْصِرَ بالسحَّار، عَلَى رَسُولِ عَالِمِ الْأَسْرَارِ، فَخَابَ وَخَسِرَ الْجَنَّةَ، وَاسْتَوْجَبَ النَّارَ.

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} (٥) ؛ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمُ اصْطُفُوا -وَقَدْ وُعِدُوا مِنْ فِرْعَوْنَ بِالتَّقْرِيبِ وَالْعَطَاءِ الْجَزِيلِ - {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا} [طه: ٦٥، ٦٦] ، فَأَرَادَ مُوسَى أَنْ تَكُونَ البَدَاءة مِنْهُمْ، لِيَرَى النَّاسُ مَا صَنَعُوا، ثُمَّ يَأْتِي بِالْحَقِّ بَعْدَهُ فَيَدْمَغُ بَاطِلَهُمْ؛ وَلِهَذَا لَمَّا {أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: ١١٦] ،


(١) في ت: "ذكر الله سبحانه"
(٢) في أ: "من خوارق".
(٣) في ت: "وأظهرت".
(٤) في ت: "أنه".
(٥) في ت: "سحار".

<<  <  ج: ص:  >  >>