للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَدِيثِ: أَنَّ الْيَهُودَ اخْتَلَفُوا عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَأَنَّ النَّصَارَى اخْتَلَفُوا عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، مِنْهَا وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ. قِيلَ: مَنْ هُمْ (١) يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي".

رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَهُوَ فِي السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ (٢) وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ} أَيْ: يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ {يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}

{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٩٤) وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ (٩٧) }

قَالَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامة: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا أَشُكُّ وَلَا أَسْأَلُ" (٣)

وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَهَذَا فِيهِ تَثْبِيتٌ (٤) لِلْأُمَّةِ، وَإِعْلَامٌ لَهُمْ أَنَّ صِفَةَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْجُودَةٌ (٥) فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي بِأَيْدِي أَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ} الْآيَةَ [الْأَعْرَافِ: ١٥٧] . ثُمَّ مَعَ هَذَا الْعِلْمِ يَعْرِفُونَهُ مِنْ كُتُبِهِمْ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ، يَلْبَسُونَ ذَلِكَ وَيُحَرِّفُونَهُ وَيُبَدِّلُونَهُ، وَلَا يُؤَمِّنُونَ بِهِ مَعَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ} أَيْ: لَا يُؤْمِنُونَ إِيمَانًا يَنْفَعُهُمْ، بَلْ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا؛ وَلِهَذَا لَمَّا دَعَا مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ قَالَ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ} [يُونُسَ: ٨٨] ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّنَا نزلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: ١١١] ثم قال تعالى:


(١) في ت: "من هو".
(٢) المستدرك (١/١٢٩) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص، وجاء من حديث معاوية وأنس وعوف بن مالك قال العراقي: "أسانيدها جياد".
(٣) رواه عبد الرزاق في تفسيره (١٥/٢٠٢) عن معمر عن قتادة به مرسلا.
(٤) في ت: "تتبيت".
(٥) في ت، أ: "صلوات الله وسلامه عليه موجود".

<<  <  ج: ص:  >  >>