للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ (١) آخَرُونَ: "هِيْتُ لَك"، بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَإِسْكَانِ الْيَاءِ، وَضَمِّ التَّاءِ.

قَالَ أَبُو عُبَيدة مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: "هَيْتَ" لَا تُثَنَّى وَلَا تُجْمَعُ وَلَا تُؤَنَّثُ، بَلْ يُخَاطَبُ الْجَمِيعُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فيقال: هيتَ لَك، وهيتَ لك، ِ وهيتَ لَكُمَا، وهيتَ لَكُمْ، وهيتَ لَهُنَّ (٢)

{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤) }

اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ النَّاسِ وَعِبَارَاتُهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَائِفَةٍ مِنَ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهَمِّهِ بِهَا هَمّ خَطَرات حَدِيثِ (٣) النَّفْسِ. حَكَاهُ الْبَغَوِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ، ثُمَّ أَوْرَدَ (٤) الْبَغَوِيُّ هَاهُنَا حَدِيثَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِذَا هَمّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنَّ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً، فَإِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرّائي، فَإِنْ عَمَلِهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا" (٥) .

وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ (٦) وَلَهُ أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ، هَذَا مِنْهَا.

وَقِيلَ: هَمَّ بِضَرْبِهَا. وَقِيلَ: تَمَنَّاهَا زَوْجَةً. وَقِيلَ: {وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} أَيْ: فَلَمْ يَهِمَّ بِهَا.

وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ (٧) .

وَأَمَّا الْبُرْهَانُ الَّذِي رَآهُ فَفِيهِ أَقْوَالٌ أَيْضًا: فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَغَيْرِهِمْ: رَأَى صُورَةَ أَبِيهِ يَعْقُوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَاضًّا عَلَى أُصْبُعِهِ بِفَمِهِ (٨) .

وَقِيلَ عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِ يُوسُفَ.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَأَى خَيَالَ (٩) الْمَلِكِ، يَعْنِي: سَيِّدَهُ، وكذا قال محمد بن إسحاق،


(١) في ت: "وقرأ".
(٢) في أ: "لهم".
(٣) في ت، أ: "وحديث".
(٤) في أ: "وأورد".
(٥) معالم التنزيل (٤/٢٣١) .
(٦) صحيح البخاري برقم (٧٥٠١) وصحيح مسلم برقم (٢٠٥) .
(٧) تفسير الطبري (١٦/٣٨، ٣٩) وما ذكره الحافظ هنا في معنى الهم غير مسلم به، والراجح هو ما اختاره أبو حيان في تفسيره ونقله عنه العلامة الشنقيطي في "أضواء البيان" (٣/٦٠) وقال: "والجواب الثاني - وهو الذي اختاره أبو حيان - أن يوسف لم يقع منه هم أصلا، بل هو +منفى عنه لوجود البرهان. . ." وانظر بقية كلامه هناك.
(٨) في ت، أ: "يعظه".
(٩) في ت، أ: "تمثال".

<<  <  ج: ص:  >  >>