وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرظي، رَحِمَهُ اللَّهُ: لَمَّا قَالَ أَهْلُ النَّارِ: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} قَالَ لَهُمْ إِبْلِيسُ: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} الْآيَةَ، فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَتَهُ مَقَتُوا أَنْفُسَهُمْ، فَنُودُوا: {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} [غَافِرٍ: ١٠] .
وَقَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: يَقُومُ خَطِيبَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، يَقُولُ اللَّهُ لِعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [الْمَائِدَةِ: ١١٦، ١١٩] ، قَالَ: وَيَقُومُ إِبْلِيسُ -لَعَنَهُ اللَّهُ -فَيَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} الْآيَةَ.
ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَآلَ الْأَشْقِيَاءِ وَمَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنَ الْخِزْيِ والنَّكَال. وَأَنَّ خَطِيبَهُمْ إِبْلِيسُ، عَطَفَ بِحَالِ السُّعَدَاءِ وَأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ سَارِحَةً فِيهَا حَيْثُ سَارُوا وَأَيْنَ سَارُوا (١) {خَالِدِينَ فِيهَا} مَاكِثِينَ أَبَدًا لَا يُحَوَّلُونَ وَلَا يَزُولُونَ، {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ} [الزُّمَرِ: ٧٣] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} [الرَّعْدِ: ٢٣، ٢٤] وَقَالَ تَعَالَى: {وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا} [الْفُرْقَانِ: ٧٥] ، وَقَالَ: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يُونُسَ: ١٠] .
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) }
(١) في ت: "شاءوا أين شاءوا" وفي أ: "شاءوا حيث شاءوا".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute