للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ شَيْئًا وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣) فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧٤) }

يَقُولُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ، مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَمَعَ هَذَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ وَالْأَوْثَانِ {مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ شَيْئًا} أَيْ: لَا يَقْدِرُ عَلَى إِنْزِالِ مَطَرٍ وَلَا إِنْبَاتِ زَرْعٍ وَلَا شَجَرٍ، وَلَا يَمْلِكُونَ ذَلِكَ، أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ (١) ذَلِكَ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ لَوْ أَرَادُوهُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثَالَ} أَيْ: لَا تَجْعَلُوا (٢) لَهُ أَنْدَادًا وَأَشْبَاهًا (٣) وَأَمْثَالًا {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} أَيْ: أَنَّهُ يَعْلَمُ وَيَشْهَدُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (٤) وَأَنْتُمْ بِجَهْلِكُمْ تُشْرِكُونَ بِهِ غَيْرَهُ.

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٧٥) }

قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هَذَا مَثَلٌ ضَرْبَهُ اللَّهُ لِلْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ: وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

وَالْعَبْدُ (٥) الْمَمْلُوكُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِثْلُ الْكَافِرِ وَالْمَرْزُوقُ الرِّزْقَ الْحَسَنَ، فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا، هُوَ (٦) الْمُؤْمِنُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: هُوَ مَثَلٌ مَضْرُوبٌ لِلْوَثَنِ وَلِلْحَقِّ تَعَالَى، فَهَلْ يَسْتَوِي هَذَا وَهَذَا؟

وَلَمَّا كَانَ الْفَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا بَيِّنًا وَاضِحًا ظَاهِرًا لَا يَجْهَلُهُ إِلَّا كُلُّ غَبِيٍّ، قَالَ [اللَّهُ] (٧) تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى] (٨)

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦) }

قَالَ مُجَاهِدٌ: وَهَذَا أَيْضًا الْمُرَادُ بِهِ الْوَثَنُ وَالْحَقُّ تَعَالَى، يَعْنِي: أَنَّ الْوَثَنَ أبكم لا يتكلم ولا ينطق


(١) في ت، ف: "إليهم".
(٢) في ت: "أي تجعلون"،
(٣) في ف: "أشباحًا وأندادًا".
(٤) في ف: "إلا هو".
(٥) في ت، ف: "فالعبد".
(٦) في ت: "فهو".
(٧) زيادة من ت، ف، أ.
(٨) زيادة من "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>