للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {عِتِيًّا} بِمَعْنَى: نُحُولِ (١) الْعَظْمِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: {عِتِيًّا} يَعْنِي: الْكِبَرَ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَصُّ مِنَ الْكِبَرِ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا هُشَيْم، أَخْبَرَنَا حُصَيْن، عَنْ عِكْرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَقَدْ عَلِمْتُ السُّنَّةَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنِّي لَا أَدْرِي أَكَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَمْ لَا؟ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ كَانَ يَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} أَوْ "عِسِيًّا".

وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ سُرَيْج (٢) بْنِ النُّعْمَانِ، وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ، كِلَاهُمَا عَنْ هُشَيْمٍ، بِهِ.

{قَالَ} أَيِ الْمَلَكُ مُجِيبًا لِزَكَرِيَّا عَمَّا اسْتَعْجَبَ مِنْهُ: {كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} أَيْ: إِيجَادُ الْوَلَدِ مِنْكَ وَمَنْ زَوْجَتِكَ هَذِهِ لَا مِنْ غَيْرِهَا {هَيِّنٌ} أَيْ: يَسِيرٌ سَهْلٌ عَلَى اللَّهِ.

ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ مَا هُوَ أَعْجَبُ مِمَّا سَأَلَ عَنْهُ، فَقَالَ: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الْإِنْسَانُ: ١]

{قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١) } .

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ زَكَرِيَّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} أَيْ: عَلَامَةً وَدَلِيلًا عَلَى وُجُودِ مَا وَعَدْتَنِي، لِتَسْتَقِرَّ نَفْسِي وَيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بِمَا وَعَدْتَنِي كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: ٢٦٠] . {قَالَ آيَتُكَ} أَيْ: عَلَامَتُكَ {أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} أَيْ: أَنْ تَحْبِسَ (٣) لِسَانَكَ عَنِ الْكَلَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَأَنْتَ صَحِيحٌ سَوِيٌّ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ وَلَا عِلَّةٍ (٤)

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَوَهْبُ [بْنُ مُنَبِّهٍ] (٥) ، وَالسُّدِّيُّ وقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: اعْتُقِلَ لِسَانُهُ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: كَانَ يَقْرَأُ وَيُسَبِّحُ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُكَلِّمَ قَوْمَهُ إِلَّا إِشَارَةً.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} أَيْ: مُتَتَابِعَاتٍ.

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَنْهُ وَعَنِ الْجُمْهُورِ أَصَحُّ (٦) كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي [أَوَّلِ] (٧) آلِ عِمْرَانَ: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ} [آلِ عِمْرَانَ: ٤١]


(١) في أ: "يعني قحول".
(٢) في ف، أ: "شريح".
(٣) في ف: "تحتبس".
(٤) في أ: "وعلامة".
(٥) زيادة من ت، ف، أ.
(٦) في ف، أ: "واضح".
(٧) زيادة من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>